![]() |
ما هو الإدراك ؟ |
الإدراك في اللغة هو اللحاق والوصول، يقال أدرك الشيء بلغ وقته وانتهى، وأدرك الثمر نضج، وأدرك الولد بلغ.
1 ـ وأدرك الشيء لحقه، وأدرك المسألة علمها، وأدرك الشيء ببصره رآه.
2 ـ فمن رأى شيئا، ورأى جوانبه ونهاياته، قيل : إنه أدركه، ويصح : رأيت الحبيب وما أدركه بصري، فيكون الإدراك بهذا المعنى أخص من الرؤية.
3 ـ والإدراك في الفلسفة يدل أولا على حصول صورة الشيء عند العقل، سواء كان ذلك الشيء مجردا أو ماديا، جزئيا أو كليا، حاضرا أو غائبا، حاصلا في ذات المدرك أو آلته.
4 ـ قال ابن سينا : (( إدراك الشيء هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك يشاهدها ما به يدرك، فإما أن تكون تلك الحقيقة نفس حقيقة الشيء الخارج عن المدرك إذا أدرك، فتكون حقيقة ما لا وجود له بالفعل في الأعيان الخارجة مثل كثير من الأشكال الهندسية، بل كثير من المفروضات التي لا تمكن إذا فرضت في الهندسة مما لا يتحقق أصلا، أو تكون مثال حقيقته مرتسما في ذات المدرك غير مباين له، وهو الباقي)). (ابن سينا الإشارات ص 122).
5 ـ فالحقيقة المتمثلة عند المدرك ليست نفس حقيقة الشيء الخارجي، وإنما هي مثال لها مرتسم في ذات المدرك، فإذا دل الإدراك على تمثل حقيقة الشيء وحده، من غير حكم عليه بنفي أو إثبات سمي تصورا وإذا دل على تمثل حقيقة الشيء مع الحكم عليه بأحدهما سمي تصديقا. ( التعريفات للجرجاني).
6 ـ والإدراك بهذا مرادف للعلم، وهو يتناول جميع القوى المدركة، فيقال إدراك الحس، وإدراك الخيال، وإدراك الوهم، وإدراك العقل.
7 ـ ولكن بعض الفلاسفة يحدد معنى الإدراك، فيطلقه على الإحساس وحده، وحينئذ يكون أخص من العلم، وقسما منه، كما أن بعضهم يوسع معناه، فيطلقه على حضور صورة المشعور به في الشاعر، أو يطلقه على الكمال الذي يحصل به مزيد كشف على ما يحصل في النفس من الشيء المعلوم من جهة التعقل بالبرهان.
8 ـ وهذا الكمال الزائد على ما حصل في النفس بكل واحدة من الحواس هو المسمى إدراكا. (كليات أبي البقاء).
9 ـ وكما يتناول الإدراك الحس والخيال والوهم والعقل، فكذلك يتناول معرفة أعلى من المعرفة العقلية، وهي المعرفة الحاصلة من الكشف الباطني، فيقال إدراك الذوق وإدراك الحدس.
10 ـ قال الغزالي : ((وأما ما عدا ذلك من خواص النبوة إنما يدرك بالذوق، من سلوك طريق التصوف)).(المنقذ من الضلال ص 139).
11 ـ وقال أيضا : ((بل الإيمان بالنبوة أن يقر بإثبات طور وراء العقل، تنفتح فيه عين يدرك بها مدركات خاصة، والعقل معزول عنها، كعزل السمع عن إدراك الألوان، والبصر عن إدراك الأصوات، وجميع الحواس عن إدراك المعقولات)).
12 ـ وفي اصطلاحات الصوفية : الإدراك البسيط هو إدراك الوجود الحق سبحانه مع الذهول عن هذا الإدراك، وعن أن المدرك هو الوجود الحق سبحانه، والإدراك المركب هو عبارة عن إدراك الوجود الحق سبحانه مع الشعور بهذا الإدراك، وبأن المدرك هو الوجود الحق سبحانه. (كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي).
13 ـ والإدراك عند معظم الفلاسفة إما أن يكون إدراك الجزئي أو إدراك الكلي، وإدراك الجزئي قد يكون بحيث يتوقف على وجوده في الخارج، وهو الحس، أو لا يتوقف، وهو الخيال.
14 ـ وإدراك الجزئي على وجه كلي هو إدراك كليه الذي ينحصر في ذلك الجزئي.
15 ـ أما إدراك الكلي، فهو أن الأشخاص الإنسانية مثلا متساوية في معنى الإنسانية، ومتباينة بأمور زائدة عليها، كالطول والقصر، والشكل، واللون.ومما به المشاركة غير ما به المخالفة، فالإنسانية من حيث هي هي تكون أمرا مغايرا لهذه الزوائد، فإدراكها، من حيث هي هي، هو المسمى بالإدراك الكلي. (لباب الإشارات للرازي ص 74).
16 ـ أما في الفلسفة الحديثة فإن الإدراك يدل أولا على شعور الشخص بالإحساس أو بجملة من الإحساسات التي تنقلها إليه حواسه، أو هو شعور الشخص بالمؤثر الخارجي والرد على هذا المؤثر بصورة موافقة.
17 ـ وهذا المعنى يدل على أن الإدراك يختلف عن الإحساس، فالظاهرة النفسية التي تحصل في ذات المدرك، عند تأثير أعضاء الحس، تشتمل على وجهين أحدهما انفعالي والآخر عقلي، فإذا تناول الشعور هذه الظاهرة من ناحيتها الانفعالية سميت إحساسا، وإذا تناولها من ناحيتها العقلية سميت إدراكا.
18 ـ فليس الإدراك والإحساس إذن ظاهرتين مختلفتين وإنما هما وجهان مختلفان لظاهرة واحدة.
19 ـ ولكن بعض الفلاسفة يطلق لفظ الإحساس على هذه الظاهرة بوجهيها، فيكون الإحساس حالة انفعالية وعقلية معا، ويكون الإدراك عبارة عن الإحساس مع الحكم عليه بأنه ناشئ عن مؤثر خارجي.
20 ـ فالإدراك بهذا المعنى هو الإدراك الخارجي كما يقول (ريد) والإيكوسيون، أو هو الإحساس المصحوب بالانتباه كما يقول (مين دوبيران).
21 ـ والواقع أن الاحساس والإدراك كليهما مصطبغان بلون انفعالي وعقلي معا، ولكم الإدراك يزيد على الإحساس بأن آلة الحس تكون فيه أشد فعلا، والنفس أكثر انتباها، فيكون الشيء الخارجي أبين، والصورة المرتسمة في النفس أوضح وأميز.
22 ـ وعلى كل حال فالإدراك يقتضي الإحساس، فإما أن يطلق على الشعور بالإحساس ويكون عند ذلك حالة عقلية، ويكون الإحساس حالة انفعالية.
23 ـ وعلى كل حال فالإدراك يقتضي الإحساس، فإما أن يطلق على الشعور بالإحساس ويكون ذلك حالى عقلية، ويكون الإحساس حالة انفعالية.
24 ـ وإما أن يكون الإحساس دالا على الشعور بالتغير الذي أحدثه المؤثر في النفس، فيكون الإدراك عبارة عن الإحساس، مع الحكم على ذلك الإحساس بأنه ناشئ عن سبب خارجي، أو يكون عبارة عن الإحساس المصحوب بجهد الانتباه.
25 ـ وكما يختلف الإدراك عن الإحساس فكذلك يختلف عن العاطفة، لآن الإدراك كما يقولون حالة عقليةـ والعاطفة حالة وجدانية انفعالية، وهذا الفرق بينهما تناوله (ليبنيز) في مذهبه على وجه أتم وأوفى حيث قال : ((إن الحالة المؤقتة التي تنطوي على كثرة في الوحدة، ليست سوى الشئ الذي يسمى إدراكا بسيطا، ويجب تمييزها عن الإدراك الواعي أو الشعور)). (المنادولوجيا فقرة 14).
26 ـ فالإدراك البسيط عند ليبنيز هو التبدل الذي يحدث في (الموناد)، وهو يهب (الموناد) فرديته وذاتيته، ويجمع الكثرة فيه إلى الوحدة، والاشتهاء هو القوة الداخلية أو النزوع الذي يولد الإدراكات، والإدراك الواعي هو الشعور بالإدراكات البسيطة.
27 ـ ولذلك كان الإدراك عند (ليبنيز) درجات أعلاها الإدراك الواعي أو الإدراك المميز الواضح، وأدناها الإدراك المبهم الغامض، وهو ما يسميه بالإدراك غير المحسوس.
28 ـ والإدراك في الاصطلاح الديكارتي يطلق على جميع أفعال العقل، وهو مقابل للإرادة والرغبة، قال ديكارت: ((إن فينا نوعين من الأفكار هما إدراك العقل وفعل الإرادة)).(المبادئ القسم الأول ص 32).وكلمة أفكار تدل عنده على ما نسميه اليوم بظواهر الشعور.
29 ـ وقد يطلق لفظ الإدراك على القوة المدركة، أو على فعل الإدراك أو على المعرفة التي تنتج من هذا الفعل.
30 ـ وكما يكون الإدراك خارجيا فكذلك يكون داخليا والمقصود بهذا الإدراك الداخلي هو الشعور أي معرفة النفس بأحوالها.
31 ـ وفرقوا بين الإدراكات الطبيعية والإدراكات المكتسبة فقالوا : الإدراكات الطبيعية هي المعارف التي تنشأ مباشرة عن فعل إعضاء الحس، كرؤية الألوان، فهي إدراك طبيعي لحاسة البصر، أما الإدراكات المكتسبة، فهي المعارف التي تتولد في النفس من تربية الحواس، إن هذه الإدراكات المكتسبة ليست في الحقيقة إدراكات وإنما هي أحكام وتأويلات، ولولا هذه الأحكام التي نستنبطها من منظر الجسم، ونواحيه المضيئة والمظلمة، وتغيرات هيئته المقابلة لحركاته، وتقارب محوري العينين بالنسبة إليه، وعدم تطابق الصورتين الشبكيتين المتولدتين منه، لما أدركنا المسافة ولا التحديب والتقعير.
32 ـ ومن اصطلاحات ليبيز الإدراكات الصم، والإدراكات الغامضة، والإدراكات غير المدركة، والإدراكات الصغيرة.
33 ـ والمحدثون يطلقون الإدراك الحسي على تمثل الشئ الخارجي وحده، فيقولون إن هذا الإدراك هو الفعل الذي ينظم به المدرك إحساساته الحاضرة، فيؤولها، ويكملها بالصور والذكريات، ثم يعزوها إلى شيء مقاوم له، مع الحكم عليه حكما تلقائيا بأنه شيء خارجي معلوم عنده، ومتميز عنه.
34 ـ وإليكم هذا الفيديو الرائع لبيان حقيقة الإدراك وقوانينه التي اكتشفها العلماء :
وفي الختام تدعوكم مدونة (ماكينة الأفكار) إلى نشر الموضوع والتعليق عليه ليستفيد الجميع إن شاء الله.
وللتواصل بشكل مباشر يرجى الاتصال بالحساب الشخصي على الفايسبوك :
https://www.facebook.com/fayssala.acharki.5
24 ـ وإما أن يكون الإحساس دالا على الشعور بالتغير الذي أحدثه المؤثر في النفس، فيكون الإدراك عبارة عن الإحساس، مع الحكم على ذلك الإحساس بأنه ناشئ عن سبب خارجي، أو يكون عبارة عن الإحساس المصحوب بجهد الانتباه.
25 ـ وكما يختلف الإدراك عن الإحساس فكذلك يختلف عن العاطفة، لآن الإدراك كما يقولون حالة عقليةـ والعاطفة حالة وجدانية انفعالية، وهذا الفرق بينهما تناوله (ليبنيز) في مذهبه على وجه أتم وأوفى حيث قال : ((إن الحالة المؤقتة التي تنطوي على كثرة في الوحدة، ليست سوى الشئ الذي يسمى إدراكا بسيطا، ويجب تمييزها عن الإدراك الواعي أو الشعور)). (المنادولوجيا فقرة 14).
26 ـ فالإدراك البسيط عند ليبنيز هو التبدل الذي يحدث في (الموناد)، وهو يهب (الموناد) فرديته وذاتيته، ويجمع الكثرة فيه إلى الوحدة، والاشتهاء هو القوة الداخلية أو النزوع الذي يولد الإدراكات، والإدراك الواعي هو الشعور بالإدراكات البسيطة.
27 ـ ولذلك كان الإدراك عند (ليبنيز) درجات أعلاها الإدراك الواعي أو الإدراك المميز الواضح، وأدناها الإدراك المبهم الغامض، وهو ما يسميه بالإدراك غير المحسوس.
28 ـ والإدراك في الاصطلاح الديكارتي يطلق على جميع أفعال العقل، وهو مقابل للإرادة والرغبة، قال ديكارت: ((إن فينا نوعين من الأفكار هما إدراك العقل وفعل الإرادة)).(المبادئ القسم الأول ص 32).وكلمة أفكار تدل عنده على ما نسميه اليوم بظواهر الشعور.
29 ـ وقد يطلق لفظ الإدراك على القوة المدركة، أو على فعل الإدراك أو على المعرفة التي تنتج من هذا الفعل.
30 ـ وكما يكون الإدراك خارجيا فكذلك يكون داخليا والمقصود بهذا الإدراك الداخلي هو الشعور أي معرفة النفس بأحوالها.
31 ـ وفرقوا بين الإدراكات الطبيعية والإدراكات المكتسبة فقالوا : الإدراكات الطبيعية هي المعارف التي تنشأ مباشرة عن فعل إعضاء الحس، كرؤية الألوان، فهي إدراك طبيعي لحاسة البصر، أما الإدراكات المكتسبة، فهي المعارف التي تتولد في النفس من تربية الحواس، إن هذه الإدراكات المكتسبة ليست في الحقيقة إدراكات وإنما هي أحكام وتأويلات، ولولا هذه الأحكام التي نستنبطها من منظر الجسم، ونواحيه المضيئة والمظلمة، وتغيرات هيئته المقابلة لحركاته، وتقارب محوري العينين بالنسبة إليه، وعدم تطابق الصورتين الشبكيتين المتولدتين منه، لما أدركنا المسافة ولا التحديب والتقعير.
32 ـ ومن اصطلاحات ليبيز الإدراكات الصم، والإدراكات الغامضة، والإدراكات غير المدركة، والإدراكات الصغيرة.
33 ـ والمحدثون يطلقون الإدراك الحسي على تمثل الشئ الخارجي وحده، فيقولون إن هذا الإدراك هو الفعل الذي ينظم به المدرك إحساساته الحاضرة، فيؤولها، ويكملها بالصور والذكريات، ثم يعزوها إلى شيء مقاوم له، مع الحكم عليه حكما تلقائيا بأنه شيء خارجي معلوم عنده، ومتميز عنه.
34 ـ وإليكم هذا الفيديو الرائع لبيان حقيقة الإدراك وقوانينه التي اكتشفها العلماء :
وفي الختام تدعوكم مدونة (ماكينة الأفكار) إلى نشر الموضوع والتعليق عليه ليستفيد الجميع إن شاء الله.
وللتواصل بشكل مباشر يرجى الاتصال بالحساب الشخصي على الفايسبوك :
https://www.facebook.com/fayssala.acharki.5
تعليقات
إرسال تعليق