ما هو الاسم ؟

ما هو الاسم ؟
ما هو الاسم ؟

الاسم هو اللفظ الدال على الشيء، كما في قوله تعالى : وعلم آدم الأسماء كلها. وهو أحد أقسام الكلمة، لأن الكلمة اسم، وفعل، وحرف.

1 ـ فالاسم ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، وهو يسند ويسند إليه، والفعل ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، وهو يسند ولا يسند إليه، والحرف ما دل على معنى في غيره، وهو لا يسند ولا يسند إليه.

2 ـ والاسمي هو المنسوب إلى الإسم لا إلى الشيء الذي يدل عليه الاسم، وهو مقابل للحقيقي، فالوجود الاسمي هو الوجود اللفظي، والقيمة الاسمية هي القيمة الاصطلاحية ويقابلها القيمة الحقيقية، والحد الاسمي، أو بحسب الاسم، مقابل للحد بحسب الذات وهو كما قال (ابن سينا) : (( القول المفصل الدال على مفهوم الاسم عند مستعمله)). (منطق المشرقيين صفحة 34).

3 ـ والجملة الاسمية هي المصدرة بالاسم، وهي مقابلة للجملة الفعلية المصدرة بالفعل، فجملة (الحكيم سعيد) جملة اسمية لخلوها من الفعل، وجملة (تعلمت الفلسفة) جملة فعلية لاشتمالها على الفعل.

4 ـ ومعنى ذلك كله أن الجملة الاسمية تقوم على إسناد أمر إلى آخر، كما في قولنا : الإنسان فان، وهي ما سمي في المنطق بالقضية الحملية، وأجزاؤها عند الذهن ثلاثة وهي الموضوع والمحمول والنسبة بينهما. أما في اللفظ فربما اقتصر على الموضوع والمحمول، وطويت النسبة بينهما، فتسمى القضية إذ ذاك ثنائية، كقولنا : زيد كاتب، وأما الثلاثية فهي التي صرح فيها باللفظة الدالة على النسبة، كقولنا : زيد هو كاتب، وتسمى تلك اللفظة بالرابطة والقضايا الثنائية شائعة في العربية، والروسية، واليونانية القديمة، أما في الفرنسية فهي نادرة جدا.

5 ـ  الاسم المتمكن: هو الاسم الذي يتغير آخره بتغير العامل. وبعبارة أخرى هو الاسم الذي يدخله حركات الإعراب الثلاثة مع التنوين لعدم مشابهته بمبنى الأصل ولعدم مشابهته بالفعل في الفرعيتين المانعة عن دخول الجر والتنوين والتحقيق الحقيق إن التمكن عندهم عبارة عن عدم مشابهة الاسم بالفعل في الفرعيتين فالاسم المتمكن هو الاسم الذي له ذلك التمكن.

6 ـ الاسم عين المسمى: ليس المراد به أن لفظ زيد مثلا عين المسمى به فإنه لا يقول به عاقل بل قد اشتهر الخلاف في أن الاسم هل هو نفس المسمى أو غيره بمعنى أن مدلول الاسم أهو الذات من حيث هي هي أم هو الذات باعتبار أمر صادق عليه عارض له ينبئ عنه. فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله قد يكون مدلول الاسم عين المسمى نحو الله فإنه اسم علم للذات من غير اعتبار معنى فيه. وقد يكون غيره نحو الخالق والرازق مما يدل على نسبته إلى غيره ولا شك أن تلك النسبة غيره، وقد يكون لا هو ولا غيره كالعليم والقدير مما يدل على صفة حقيقية قائمة بذاته. وذهب ابن فورك وغيره إلى أن كل اسم فهو المسمى بعينه فقولك الله قول دال على اسم هو المسمى. وكذا قولك عالم وخالق فإنه يدل على الرب الموصوف بكونه عالما وخالقا.

7 ـ وأما التسمية فغير الاسم والمسمى بالاتفاق لأن التسمية هي وضع الاسم للمعنى. نعم قد يراد بها ذكر الشيء باسمه كما يقال سمى زيدا ولم يسم عمرا. أي ذكر زيدا باسمه ولم يذكر عمرا باسمه. وذهب أبو نصر بن أيوب إلى أن لفظ الاسم مشترك بين التسمية والمسمى فيطلق على كل منهما ويفهم المقصود بحسب القرائن يعني أن لفظ الاسم قد يطلق ويراد به لفظ المسمى. وقد يطلق ويراد به لفظ التسمية لا أنه يطلق على التسمية بمعنى تخصيص اللفظ للمعنى الذي هو فعل الواضع وكلا الإطلاقين واقع ثابت في الاستعمال.

8 ـ ثم اعلم: أن الأحق أن يقال إن الاسم هو اللفظ المخصوص والمسمى ما وضع ذلك اللفظ بإزائه فنقول الاسم قد يكون غير المسمى فإن لفظ الجدار مغائر لحقيقة الجدار. وقد يكون عينه فإن لفظ الاسم اسم للفظ الدال على المعنى المجرد عن الزمان ومن جملة تلك الألفاظ لفظ الاسم فيكون لفظ الاسم اسما لنفسه واتحد ها هنا الاسم والمسمى كذا في شرح المواقف.

9 ـ اسم الجنس: اعلم أن الاسم على أربعة أنواع : جنس واسم جنس وعلم جنس ونكرة. أما الجنس فهو الذي يصح إطلاقه على القليل والكثير كالماء فإنه يطلق على القطرة والبحر. واسم الجنس كالإنسان. وعلم الجنس كأسامة. والنكرة كرجل. فإن قيل ما الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس مع أنهما موضوعان للماهية من حيث هي هي. قلنا اسم الجنس موضوع للماهية من حيث هي هي من غير ملاحظة الحضور في الذهن. وعلم الجنس أيضا موضوع لها لكن من حيث إنها حاضرة فيه ولهذا صار معرفة كما أنه لا فرق بين العلم والمعلوم عند القائلين بحصول الأشياء بأنفسها في الذهن إلا باعتبار القيام بالذهن وعدم القيام على ما تقرر في محله. والنكرة ما يكون موضوعا لفرد منتشر من المفهوم وملاحظة المفهوم في النكرة ليس إلا ليكون آلة لملاحظة الأفراد. والنكرة بهذا المعنى مقابل للجنس واسم الجنس وعلم الجنس. وأما النكرة بمعنى ما وضع لغير معين فشامل للجميع مقابل للمعرفة تقابل التضاد أو تقابل العدم والملكة. إن فسر النكرة بما ليس بمعرفة عما من شأنه أن يكون معرفة فبين النكرة بالمعنى الأول والمعرفة واسطة بخلاف النكرة بالمعنى الثاني. والمفهوم من كلام جمال العرب الشيخ ابن الحاجب رحمه الله في شرح المفصل أن اسم الجنس والنكرة متحدان مترادفان.

10 ـ قال  القاضي الأحمد نكري في جامع العلوم في اصطلاحات الفنون : ثم فيها اختلاف (الجزء 1 صفحة 61) : قال بعضهم إنها موضوعة للماهية مع تشخص غير معين ويسمى فردا منتشرا. وقال بعضهم إنها موضوعة للماهية من حيث هي أي من غير ملاحظة إلى أن يعرضها التشخص. فعلى الأول الفرق بين النكرة وعلم الجنس ظاهر. وأما على الثاني فإنهما وإن اتحدا في كون كل منهما موضوعا للماهية المتحدة في الذهن لكنهما افترقا من حيث إن علم الجنس يدل بجوهره على كون تلك الماهية معلومة للمخاطب معهودة عنده كما أن الأعلام الشخصية تدل بجواهرها على كون تلك الأشخاص معهودة له. وأما اسم الجنس أي النكرة فلا يدل بجوهره على كون تلك الماهية معلومة للمخاطب معهودة عنده بل يدل عليه إذا دخله اللام فهي آلة تجعل تلك الماهية التي وضع اسم الجنس بإزائها معهودة معلومة عند المخاطب وقال السيد السند الشريف الشريف قدس سره اسم الجنس ما وضع لأن يقع على شيء وعلى ما أشبهه كالرجل فإنه موضوع لكل فرد خارجي على سبيل البدل من غير اعتبار تعينه. وإن أردت زيادة التفصيل فارجع إلى كتابنا جامع الغموض شرح الكافيه في بحث المعرفة.

11 ـ الاسم التام: هو الاسم الذي يكون على حالة لا يمكن إضافته مع تلك الحالة وهي كونه مع التنوين أو نوني التثنية والجمع والإضافة. والظاهر أن الاسم لا يمكن إضافته مع بقاء التنوين ونوني التثنية والجمع. وكذا مع الإضافة إذ الاسم المضاف لا يضاف ثانيًا. وإنما يسمى هذا الاسم بالتام لتمامه بتلك الأمور وعدم احتياجه مع تلك الأمور إلى المضاف إليه. فإذا تم الاسم بهذه الأشياء شابه الفعل التام بفاعله فيشابه التمييز الآتي بعده المفعول لوقوعه بعد تمام الاسم كما أن المفعول حقه أن يقع بعد تمام الكلام فينصبه ذلك الاسم التام قبله لمشابهته الفعل التام بفاعله. وهذه الأشياء إنما قامت مقام الفاعل لكونها في آخر الاسم كما أن الفاعل يكون عقيب الفعل. ألا ترى أن لام التعريف الداخلة على أول الاسم وإن كان يتم بها الاسم لأنه لا يضاف معها لكنه لا ينتصب التمييز عنه فلا يقال عندي الراقود خلا.

12 ـ قال الآمدي: اتفق العقلاء على المغايرة بين التسمية والمسمى، وذهب أكثر أصحابنا إلى أن التسمية هي نفس الأقوال الدالة، وإن الاسم هو نفس المدلول، ثم اختلف هؤلاء، فذهب ابن فورك وغيره إلى أن كل اسم فهو المسمى بعينه. فقولك: الله دال على اسم هو المسمى، وكذلك قولك عالم وخالق فإنه يدل على ذات الرب الموصوف بكونه عالما وخالقا. وقال بعضهم من الأسماء ما هو عين كالموجود والذات ومنها ما هو غير كالخالق، فإن المسمى ذاته، والاسم هو نفس الخلق وخلقه غير ذاته، ومنها ما ليس عينا ولا غيرا كالعالم فإن المسمى ذاته والاسم علمه الذي ليس عين ذاته ولا غيرها. وتوضيح ذلك أنهم لم يريدوا بالتسمية اللفظ وبالاسم مدلوله كما يريدون بالوصف قول الواصف وبالصفة مدلوله، ثم إن ابن فورك ومن يوافقه اعتبروا المدلول المطابقي وأرادوا بالمسمى ما وضع الاسم بإزائه، فأطلقوا القول بأن الاسم نفس المسمى. والبعض أراد بالمسمى ما يطلق عليه الاسم، وأخذ المدلول أعم من المطابقي واعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة، فزعم أن مدلول الخالق الخلق وأنه غير ذات الخالق بناء على ما تقرر من أن صفات الأفعال غير الموصوف، وأن الصفات التي لا عينه ولا غيره هي التي يمتنع انفكاكها عن موصوفها. ثم إن الأشعري أراد بالمسمى ما يطلق عليه الاسم، أعني الذات، وأعتبر المدلول المطابقي وحكم بغيرية هذا المدلول أو بكونه لا هو ولا غيره باعتبار المدلول التضمني. وذهب المعتزلة إلى أن الاسم هو التسمية ووافقهم على ذلك بعض المتأخرين من أصحابنا. وذهب الأستاذ أبو نصر بن أيوب إلى أن لفظ الاسم مشترك بين التسمية والمسمى، فيطلق على كل منهما ويفهم المقصود بحسب القرائن. ولا يخفى عليك أن النزاع على قول أبي نصر في لفظ اس م، وأنها تطلق على الألفاظ فيكون الاسم عين التسمية بالمعنى المذكور، أي القول الدال لا بمعنى فعل الواضع وهو وضع الاسم للمعنى، أو تطلق على مدلولاتها فيكون عين المسمى، وكلا الاستعمالين ثابت، كما في قولك: الأسماء والأفعال والحروف، وقوله تعالى: تبارك اسم ربك أي مسماه، وقول لبيد: اسم السلام عليكما.

13 ـ وقال الإمام الرازي: المشهور عن أصحابنا أن الاسم هو المسمى، وعن المعتزلة أنه التسمية، وعن الغزالي أنه مغاير لهما لأن النسبة وطرفيها مغايرة قطعا، والناس قد طولوا في هذه المسألة، وهو عندي فضول لأن الاسم هو اللفظ المخصوص والمسمى ما وضع ذلك اللفظ بإزائه، فنقول: الاسم قد يكون غير المسمى، فإن لفظ الجدار مغاير لحقيقة الجدار وقد يكون عينه، فإن لفظ الاسم اسم للفظ دال على معنى مجرد عن  الزمان، ومن جملة تلك الألفاظ لفظ الاسم، فيكون لفظ الاسم اسما لنفسه فاتّحد هاهنا الاسم والمسمّى. قال: فهذا ما عندي، هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف والچلپي وما في تعليقات جدّي رحمة الله عليه.

14 ـ قال التهانوي في كشافه : اعلم أن الاسم الذي يطلق على الشيء إما أن يؤخذ من الذات بأن يكون المسمى به ذات الشيء وحقيقته من حيث هي، أو من جزئها، أو من وصفها الخارجي، أو من الفعل الصادر عنه؛ ثم أنظر أيها يمكن في حق الله تعالى، فالمأخوذ من الوصف الخارجي الداخل في مفهوم الاسم فجائز في حقه تعالى، سواء كان الوصف حقيقيا كالعليم، أو إضافيا كالماجد بمعنى العالي، أو سلبيا كالقدوس، وكذا المأخوذ من الفعل كالخالق. وأما المأخوذ من الجزء كالجسم للإنسان فمحال لانتفاء التركيب في ذاته، فلا يتصور له جزء حتى يطلق عليه اسمه. أما المأخوذ من الذات فمن ذهب إلى جواز تعقل ذاته جوز أن يكون له اسم بإزاء حقيقته المخصوصة، ومن ذهب إلى امتناع تعقلها لم يجوز لأن وضع الاسم لمعنى فرع تعقله ووسيلة إلى تفهيمه، فإذا لم يمكن أن يعقل ويفهم فلا يتصور اسم بإزائه. وفيه بحث لأن الخلاف في تعقل كنه ذاته ووضع الاسم لا يتوقف عليه إذ يجوز أن يعقل ذاتا ما بوجه ما، ويوضع الاسم لخصوصية ويقصد تفهيمها باعتبار ما لا بكنهها، ويكون ذلك الوجه مصححا للوضع وخارجا عن مفهوم الاسم، كما في لفظ الله، فإنه اسم علم له موضوع لذاته من غير اعتبار معنى فيه، كذا في شرح المواقف.

15 ـ وفي شرح القصيدة الفارضية في علم التصوف: الأسماء تنقسم باعتبار الذات والصفات والأفعال إلى الذاتية، كالله والصفاتية كالعليم والأفعالية كالخالق، وتنحصر باعتبار الأنس والهيبة عند مطالعتها في الجمالية كاللطيف والجلالية كالقهار. والصفات تنقسم باعتبار استقلال الذات بها إلى ذاتية وهي سبعة: العلم والحياة والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، وباعتبار تعلقها بالخلق إلى أفعالية، وهي ما عدا السبعة ولكل مخلوق سوى الإنسان حظ من بعض الأسماء دون الكل كحظ الملائكة من اسم السبوح والقدوس. ولذا قالوا نحن نسبح بحمدك ونقدس لك، وحظ الشيطان من اسم الجبار والمتكبر، ولذلك عصى واستكبر واختص الإنسان بالحظ من جميعها ولذلك أطاع تارة وعصى أخرى وقوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها أي ركب في فطرته من كل اسم من أسمائه لطيفة وهيأه بتلك اللطائف للتحقق بكل الأسماء الجلالية والجمالية، وعبر عنهما بيديه فقال للإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي وكل ما سواه مخلوق بيد واحدة لأنه إما مظهر صفة الجمال كملائكة الرحمة أو الجلال كملائكة العذاب. وعلامة المتحقق باسم من أسماء الله أن يجد معناه في نفسه كالمتحقق باسم الحق علامته أن لا يتغير بشيء، كما لم يتغير الحلاج عند قتله تصديقا لتحققه بهذا الاسم انتهى.

16 ـ وفي الإنسان الكامل قال المحققون أسماء الله تعالى على قسمين يعني الأسماء التي تفيد في نفسها وصفا فهي عند النحاة أسماء لغوية : القسم الأول هي الذاتية كالأحد والواحد والفرد والصمد والعظيم والحيّ والعزيز والكبير والمتعال وأشباه ذلك. القسم الثاني هي الصفاتية كالعليم والقادر ولو كانت من الأسماء النفسية وكالمعطي والخلّاق ولو كانت من الأفعالية، انتهى.

17 ـ اعلم أن تسميته تعالى بالأسماء توقيفية، أي يتوقف إطلاقها على الإذن فيه وليس الكلام في أسماء الأعلام الموضوعة في اللغات، إنما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال، فذهب المعتزلة والكرامية إلى أنها إذ ادل العقل على اتصافه تعالى بصفة وجودية أو سلبية جاز أن يطلق عليه اسم يدل على اتصافه بها، سواء ورد بذلك الإطلاق إذن شرعي أو لا، وكذا الحال في الأفعال. وقال القاضي أبو بكر من أصحابنا كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه بلا توقيف إذا لم يكن إطلاقه موهما لما لا يليق بكبريائه، ولذا لم يجز أن يطلق عليه لفظ العارف، لأن المعرفة قد يراد بها علم تسبقه غفلة، وكذا لفظ الفقيه والعاقل والفطن والطبيب ونحو ذلك. وقد يقال لا بد مع نفي ذلك الإيهام من الإشعار بالتعظيم حتى يصح الإطلاق بلا توقيف. وذهب الشيخ ومتابعوه إلى أنه لا بد من التوقيف وهو المختار، وذلك للاحتياط فلا يجوز الاكتفاء في عدم إيهام الباطل بمبلغ إدراكنا، بل لا بد من الاستناد إلى إذن الشرع. فإن قلت من الأوصاف ما يمتنع إطلاقه عليه تعالى مع ورود الشرع بها كالماكر المستهزئ وغيرهما. أجيب بأنه لا يكفي في الإذن مجرد وقوعها في الكتاب أو السنة بحسب اقتضاء المقام وسياق الكلام، بل يجب أن يخلو عن نوع تعظيم ورعاية أدب، كذا في شرح المواقف وحواشيه.

18 ـ والاسم عند أهل الجفر يطلق على سطر التكسير ويسمى أيضا بالزمام والحصة والبرج، كذا في بعض الرسائل. وعند المنطقيين يطلق على لفظ مفرد يصح أن يخبر به وحده عن شيء، ويقابله الكلمة والأداة، ويجيء في لفظ المفرد. وعند النحاة يطلق على خمسة معان: على ما في المنتخب حيث قال: اسم بالكسر والضم هو السمة والعلامة على الشيء. وفي اصطلاح النحاة: يطلق الاسم على خمسة أشياء:
1 - الاسم، العلم، مقابل اللقب والكنية.
2 - كلمة لا تحمل معنى وصفيا، وهي بهذا تقابل الصفة.
3 - كلمة لا تحمل معنى ظرفيا، وهي بهذا تقابل الظرف.
4 - كلمة تحمل معنى حاصل المصدر، وتستعمل كالمصدر.
5 - كلمة بدون إضافة كلمة أخرى إليها تدل على معنى ولا تدل على أي زمان من أزمنة الفعل من الماضي والمضارع والاستقبال، وهي بهذا الاصطلاح تقابل اصطلاح الفعل والحرف.

19 ـ قال أبو البقاء في كلياته : اعلم أن الاسم إما أن يوضع لذات معينة من غير ملاحظة معنى من المعاني معها مثل (الإبل والفرس) ، وإما أن يوضع لذات معينة باعتبار صدق معنى ما عليها، فيلاحظ الواضع تلك الذات باعتبار صدق ذلك المعنى عليها، ثم يوضع الاسم بإزاء تلك الذات فقط خارجا عنها ذلك المعنى، أو بإزاء الذات المتصفة بذلك المعنى داخلا ذلك المعنى في الموضوع له فيكون المعنى سببا باعثا للوضع في هاتين الصورتين، مع أنه خارج في الصورة الأولى داخل في الثانية وكل من هذه الأقسام الثلاثة اسم يوصف ولا يوصف به، إذ مدلوله الذات المعينة القائمة بنفسها ممتنعة القيام بغيرها حتى يوصف بها الغير؛ وإما أن يوضع لذات مبهمة يقوم بها معنى معين على أن يكون قيام ذلك المعنى بأية ذات كانت من الذوات مصححا للاطلاق فهذا القسم هو الصفة إذ مدلوله قائم بغيره لا بنفسه، لأنه مركب من مفهوم الذات المبهمة والمعنى، وقيام المعنى بغيره ظاهر، وكذا الذات المبهمة معنى من المعاني، إذ لا استقلال له بنفسه فيقوم بغيره، والضابط فيه هو أن كل ذات قامت بها صفات زائدة عليها، فالذات غير الصفات، وكذا كل واحد من الصفات، غير الآخر ان اختلف بالذوات، بمعنى أن حقيقة كل واحد، والمفهوم منه عند انفراده غير مفهوم الآخر لا محالة، وإن كانت الصفات غير ما قامت به من الذات، فالقول بأنها غير مدلول الاسم المشتق منها أو ما وضع لها وللذات من غير اشتقاق، وذلك مثل صفة العلم بالنسبة إلى مسمى العالم أو مسمى الاله؛ فعلى هذا، وإن صح القول بأن علم الله غير ما قام به من الذات لا يصح أن يقال: إن علم الله غير مدلول اسم الله أو عينه، إذ ليس هو عين مجموع الذات مع الصفات، ولعل هذا ما أراده بعض الحذاق من الأصحاب في أن الصفات النفسية لا هي هو ولا هي غيره؛ إذا عرفت هذا فنقول: إن الاله اسم لا وصف، مع أنه صالح للوصفية أيضا، لاشتمال معناه على الذات المبهمة القائمة بها معنى وعين والدليل على ذلك جريان الأوصاف عليه وعدم جريانه على موصوف ما، والسبب في ذلك كونه في أصل وضعه لذات معينة، باعتبار وصف الألوهية؛ ومعلوم أن الذات المعينة قائمة بنفسها لا يحتمل قيامها بغيرها حتى يصح إجراء اللفظ الدال عليها على موصوف ما؛ وهذا هو الفرق بين الاسم والصفة.

قال أبو إسحاق: إنما جعل الاسم تنويهاً بالدلالة على المعنى لأن المعنى تحت الاسم. التهذيب: ومن قال إن اسماً مأخوذ من وسمت فهو غلط، لأنه لو كان اسم من سمته لكان تصغيره وسيماً مثل تصغير عدة وصلة وما أشبههما، والجمع أسماء. وفي التنزيل: وعلم آدم الأسماء كلها؛ قيل: معناه علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات العربية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية وغير ذلك من سائر اللغات، فكان آدم، على نبينا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام، وولده يتكلمون بها، ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات، ثم ضلت عنه ما سواها لبعد عهدهم بها، وجمع الأسماء أسامي وأسام؛ قال:ولنا أسام ما تليق بغيرنا، ... ومشاهد تهتل حين ترانا
وحكى اللحياني في جمع الاسم أسماوات، وحكى له الكسائي عن بعضهم: سألتك ب أسماوات الله، وحكى الفراء: أعيذك ب أسماوات الله، وأشبه ذلك أن تكون أسماوات جمع أسماء وإلا فلا وجه له.

وفي ختام هذا المقال تدعوكم مدونة (ماكينة الأفكار) إلى نشر الموضوع والتعليق عليه لتعم الفائدة إن شاء الله.

وللتواصل والنقاش يمكنكم زيارة الصفحة الشخصية على الفايسبوك :

https://www.facebook.com/fayssala.acharki.5

تعليقات