ما هو الألم ؟

ما هو الألم ؟
ما هو الألم ؟ 


ما هو الألم ؟ 


الألم مصدر ألم يألم، كعلم يعلم، وهو مقابل للذة.

1 ـ والألم واللذة هما من الأحوال النفسية الأولية، فلا يعرفان، بل تذكر خواصهما وشروطهما دفعا للالتباس اللفظي.

2 ـ قال ابن سينا : ((إن اللذة هي إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك كمال وخير، ومن حيث هو كذلك، والألم إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك آفة وشر)). (الإشارات صفحة 191).

3 ـ والمراد بالإدراك العلم، وبالنيل تحقق الكمال لمن يلتذ، فإن التكيف بالشيء لا يوجب الألم واللذة من غير إدراك، فلا ألم ولا لذة للجماد بما يناله من الكمال والنقص.

4 ـ وإدراك الشيء من غير النيل لا يؤلم، ولا يوجب لذة، كتصور  الحلاوة والمرارة.

5 ـ فالألم واللذة لا يتحققان إذن دون الإدراك والنيل.

6 ـ وإنما قال ابن سينا عند المدرك لأن الشيء قد يكون كمالا وخيرا بالقياس إلى شخص، وهو لا يعتقد كماليته، فلا يلتذ به، بخلاف ما يعتقد كماليته وخيريته وإن لم يكن كذلك بالنسبة إليه، وإنما قال من حيث هو كذلك، لأن الشيء قد يكون كمالا وخيرا من وجه دون وجه " كالمسك من جهة الرائحة والطعم فإدراكه من حيث الرائحة لذة ومن حيث الطعم ألم" (الكشاف للتهانوي).

7 ـ وقول ابن سينا هذا شبيه بقول (ديكارت) : اللذة هي الشعور بالكمال، والألم هو الشعور بالنقص، وهو أقرب إلى التحصيل من قولهم الألم إدراك المنافي من حيث هو مناف، واللذة إدراك الملائم من حيث هو ملائم، لأن الملائم بالجملة أعم من اللذيذ، والألم أخص من المنافي.

8 ـ ولعل أحسن تعريف للألم هو التعريف المشتمل على ذكر خواص الألم وأسبابه، كتعريف (آرسطو) الذي صححه (هاميلتون) و(استوارت ميل). فقد جاء في هذا التعريف أن اللذة تنشأ عن الفعل الموافق لطبيعة الكائن الحي، وأن الألم ينشأ عن الفعل المضاد لطبيعة الفاعل، فالألم هو إذن نتيجة فاعلية تزيد على قدرة الفاعل، أو تقل عنها.

9 ـ والألم نوعان : جسماني ونفساني، فالألم الجسماني ينشأ عن إحساسات جسمانية ذات مصدر محدود، كاحتراق اليد، وضرب الضرس، ووجع العين.

10 ـ والألم النفساني ينشأ  عن تأثير الميول، والأفكار، والاعتقادات، والآراء، كمن يسقط في الامتحان فيتألم لعدم بلوغه غايته، وكمثل من يسمع بموت صديق له فيغمه خبر موته.

11 ـ ومن خواص الألم الجسماني أنه قد ينتشر في البدن بحيث لا يعرف مصدره فيوصف إذ ذاك بالتعب، والوعك، والاضطراب.

12 ـ ومن خواص الألم النفساني أنه قد يشتد حتى يصبح قريبا من الانفعال أو الهيجان، ويسمى في هذه الحالة حزنا.ووجوما، وشجوا، وهما، وكربا، وكآبة، وغما، وحرقة، ولوعة.

13 ـ والفرق بين اللذة الجسمانية والألم الجسماني أن اللذة الجسمانية هي كيفية نفسانية مضافة إلى الإحساس، فهي إذن إحساس وكيفية في ذلك الإحساس ملائمة للنفس، في حين أن الألم الجسماني هو إحساس من نوع خاص متميز عن غيره، وله في البدن أعصاب خاصة تدركه، والدليل على ذلك أن الإحساس بالألم متأخر عن الإحساس باللمس، والحرارة، والبرودة، وأن هناك مواد تخدر الأعصاب، فتزيل الإحساس بالألم، وتبقي إحساس اللمس.

14 ـ على أن بعض  الفلاسفة لا يفرقون بين الجسماني والنفساني من الآلام إلا بحسب شروطهما الخاصة، لأن طبيعتهما الأساسية في نظرهم واحدة.

15 ـ فلا تختلف شروط ألم الفراق عن شروط ألم الصداع، إلا من حيث الاشتباك والتركيب. ولربما كان الوهم في اختلاف طبيعتهما ناشئا عن الاختلاف في اشتباك شروطهما، فلا فرق إذن في الماهية بين ألم اليأس وألم البثور والدمامل.

16 ـ ومهما يكن من أمر فإن للألم في الاصطلاح الحديث معنى محدودا، فهو لا يدل على الحزن والكآبة، ولا على الإحساس بالتعب، بل يدل على الإحساس الذي ينشأ عن خلل جسماني.

17 ـ وله أيضا معنى عام يشمل الإحساس بالخلل الجسماني، والإحساس بالمنافي والمنافر، كما يشمل الحزن والكآبة والغم.

18 ـ وهذا كله يدل على أن مدلول الألم لا يزال مشتملا على شيئ من الغموض لعدم اتفاق العلماء على اصطلاحات الحياة الوجدانية، فبعضهم يحدد معناه فيطلقه على الإحساس بالخلل الجسماني، وبعضهم يوسع معناه فيجعله مقابلا للذة بوجه عام.

19 ـ والألم في نظر المتشائمين ذو طبيعة إيجابية، فهو وحده حقيقي، لأن الحياة في نظرهم نضال مستمر، ورغبة غير مستقرة، وسخط على الحاضر، ونزوع بالآمال إلى المستقبل، فلا يظفر الإنسان بلذة، إلا عند نسيانه شقاء الحياة، وابتعاده بأحلامه عن الواقع.

20 ـ وهذا كله يدل عندهم على أن الألم حقيقة الحياة، وأن اللذة لا تحصل للنفس إلا عند خروجها من الألم.

21 ـ قال فخر الدين الرازي : ((أما الألم فلا نزاع في كونه وجوديا)) ، ثم قال محمد بن زكرياء: ((اللذة عبارة عن الخلاص من الألم)). (فخر الدين الرازي: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين صفحة 75 و76) وهو رأي باطل لأن الألم لا  ينشأ إلا عن الرغبات التي لم تتحقق والشهوات التي لم تدرك، ولأن الفاعلية ليست بطبيعتها ملائمة للنفس.

22 ـ وإذا وقع بصر الإنسان على صورة جميلة، فإنه يلتذ بإبصارها، مع أنه لم يكن له شعور بتلك الصورة قبل ذلك، حتى تجعل تلك اللذة خلاصا عن ألم الشوق إليها (فخر الدين الرازي : المحصل صفحة 76)، فاللذة والألم هما إذن من الكيفيات النفسية الأولية، فليست اللذة خروجا من الألم، ولا الألم خروجا من اللذة، بل اللذة والألم كلاهما وجوديان، ولكل منهما شروط خاصة تدل على أنهما إيجابيان. (انظر المعجم الفلسفي لجميل صليبا الجزء الأول صفحة 127 وما قبلها).

23 ـ الألم: إدراك المنافر من حيث إنه منافر. وبعبارة أخرى إدراك المنافي من حيث هو مناف. والمشهور المنافر من حيث هو منافر. والمراد بالمنافي والمنافر ما يقابل الملائم. وفائدة قيد الحيثية الاحتراز عن إدراك المنافر أو المنافي لا من حيث إنه منافر أو مناف فإنه ليس بألم بل لذة وهي تقابل الألم فإنها إدراك الملائم من حيث إنه ملائم. وفائدة الحيثية أن الشيء قد يلائم من وجه دون وجه كالدواء المر إذا علم أن فيه نجاة من الهلاكة فإنه ملائم من حيث اشتماله على النجاة ومتنافر من حيث اشتماله على ما تتنفر الطبيعة عنه فإدراكه من حيث إنه ملائم يكون لذة دون إدراكه من حيث إنه منافر.

24 ـ الألم الوجع والجمع آلام ألم ألمًا فهو آلم وتألم وآلمته والأليم المؤلم والعذاب الأليم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ وألم بطنه من باب سفه رأيه والأيلمة الألم وألومة موضع قال صخر الغي : (القائدو الخيل من ألومة ... أو من بطن واد كأنها العجد).

25 ـ وإليكم هذا الفيديو القصير في تعريف الألم من الناحية الطبية :

 

روابط خارجية حول موضوع الألم :

ـ ألم - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%84%D9%85

ـ الالم والاوجاع: اسبابها عديدة وعلاجتها متنوعة - ويب طب:
وفي نهاية هذا المقال الرائع تطلب منكم مدونة  (ماكينة الأفكار) أن تنشروا هذا الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي وتعلقوا عليه لتعم الفائدة على الجميع إن شاء الله تعالى. 



وللتواصل والنقاش زوروا الصفحة الشخصية على الفايسبوك :


https://www.facebook.com/fayssala.acharki.5

انتهى مقال : ما هو الألم ؟  وسنلتقي غدا إن شاء الله  في مقال جديد .


تعليقات