![]() |
ما هو الإيثار ؟ |
ما هو الإيثار ؟
آثر فلانا على نفسه : فضله وقدمه، وآثره إيثارا : أكرمه، فمعنى الإيثار إذن : أن تقدم غيرك على نفسك في النفع والدفع عنهـ وهو ضد الأثرة.
1 ـ وقد يدل على الإيثار بلفظ الغيرية وهو لفظ جديد وضعه أوغسك كونت للدلالة على هذا المعنى، قال الغيرية هي أن تريد الخير لغيرك، وأن تبذل نفسك مختارا في سبيل نفعه.
2 ـ وهذا الميل إلى نفع الآخرين أصيل في الإنسان، إلا أن طائفة من الفلاسفة أنكرت ذلك، فزعم لا روشفو كولد: أن الإنسان لا يحب إلا نفسه، ولا يفكر إلا في مصلحته الخاصة، وزعم آدم سميث والفلاسفة النفعيون أن الغيرية مشتقة من الأنانية، أو حب الذات، بواسطة التعاطف، وزعم جيمس ميل واستورت ميل وهربرت سبنسر : أن الأنانية هي الأصل، وأن التطور الاجتماعي هو الذي أدى إلى تولد الغيرية منها.
3 ـ ولكن أوغست كونت وليتره ودوركهايم وغيرهم يذهبون إلى أن الشعور بالإيثار أصيل في الإنسان كالأنانية، وأن كلا الميلين ناشئ عن وظائف الخلية الحية، فالأنانية تنشأ عن وظيفة التغذي، وهي التي تدفع الكائن الحي إلى البحث عما يحتاج إليه من الغذاء في سبيل بقائه ونموه، والإيثار ينشأ عن وظيفة التناسل، وهي التي تدفع الكائن الحي إلى إنسال كائن آخر يحضنه ويربيه، حتى يصبح قادرا على الحياة بنفسه.
4 ـ قال دوركهايم : حيث يوجد الاجتماع يوجد الإيثار، فلا ينبغي أن يقال إذن أن الإيثار قد تولد من الأنانية، لأن هذا التولد لا يمكن أن يتم إلا بإبداع الشيء من العدم. والحق أن هذين المحركين الأساسيين للسلوك الإنساني موجودان منذ البدء في جميع النفوس البشرية.
5 ـ وقد يطلق لفظ الإيثار على كل فعل يهدف إلى نفع الآخرين، وإن كان ذلك الفعل خاليا من الميل إليهم.
6 ـ فإذا قلت لك : أحسن إلى عدوك لم أطلب إليك بهذا القول أن تحب من يبغضك أو من يسيء إليك فحسب، بل أردت به أيضا أن تحسن إلى من تبغضه. إن الإيثار بهذا المعنى لا يدل على ميل من ميول النفس، بل يدل على نمط من أنماط السلوك.
7 ـ وقصارى القول أن للإيثار معنيين أحدهما نفسي والآخر خلقي. فلفظ الإيثار يدل من الناحية النفسية على شعور الإنسان بميله إلى غيره، وهذا الشعور قد يكون ناشئا بالطبع عن الروابط الموجودة بين أفراد الجنس الواحد، وقد يكون ناشئا عن التأمل إو عن إنكار الذات. وهو يشتمل في نظر أوغست كونت على الحب، والاحترام، وطيبة النفس.
8 ـ ويدل الإيثار من الناحية الخلقية على المذهب المضاد لمذهب اللذة، أو مذهب الفردية، أو مذهب النفعية.
9 ـ وهو مذهب الخير الذي يجعل غاية سلوكنا الفردي نفع الناس ودفع الضر عنهم. وقاعدته كما قال أوغست كونت : أن تحيا في سبيل غيرك وأن تجعل الحب مبدأك، والنظام دعامتك، والتقدم هدفك، فهذا هو مجمل الكلام في معنى الإيثار. (انظر المعجم الفلسفي لجميل صليبا الجزء الأول صفحة 177).
10 ـ الإيثار: أن يقدم غيره على نفسه في النفع له والدفع عنه وهو النهاية في الأخوة.
11 ـ وإليكم هذا الفيديو المختصر حول خلق الإيثار:
تعليقات
إرسال تعليق