الصلاة : حقيقتها وأهميتها مع ذكر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

الصلاة


الصلاة هي عماد الدين وهي الأساس المتين الذي يبنى عليه الإسلام ، وهي معراج الروح إلى فضاءات النور والإيمان ، وهي الفرض الوحيد في الإسلام الذي نكرره 5 مرات في اليوم ، و الصلاة بها يأنس الصالحون ، وفيها يناجي العبد ربه ، وبها يقوى الإنسان على طاعة ربه ، وهي نور تستضيء به حياة الإنسان المسلم .


في هذا المقال بإذن الله سنتحدث بشكل مفصل عن حقيقة الصلاة وأهميتها في الإسلام وسنتطرق كذلك إلى الحكمة من وراء هذه الركن الأساسي من أركان الإسلام ، وسنتحدث عن مقاصد الصلاة وفوائدها ؛ كل ذلك بأسلوب سهل ومبسط يفهمه الإنسان العادي والإنسان المثقف ؛ حتى يكون المسلم الملتزم بتعاليم الإسلام على بينة من أمره في هذا الباب الكبير من أبواب الشريعة الإسلامية الذي من دخله دخل حرم الله الآمن وفاز بخيري الدنيا والآخرة .


أولا : حقيقة الصلاة ومعانيها العميقة في الإسلام 


الصلاة في اللغة هي الدعاء ، والدعاء هو الرغبة إلى الله تعالى ، والرغبة هي : شدة إرادة الشيء والحرص عليه ، وفي الذكر الحكيم : " وإلى ربك فارغب " ، والدعاء نوعان : دعاء عادي تطلب فيه ممن هو مثلك أن يلبي رغبتك بحسب الأسباب العادية المتعارف عليها بين الناس، وهناك نوع آخر من الدعاء وهو الدعاء التعبدي وفيه يطلب العبد من الله أن يلبي رغبته بمن له القدرة المطلقة التي هي فوق عالم الأسباب والمسببات .


فجوهر الصلاة بسحب المعاني اللغوية هو الدعاء ولذلك ورد في الحديث الصحيح : الدعاء هو العبادة ؛ فهو مخ العبادة وجوهرها .


أما حقيقة الصلاة في الشريعة الإسلامية فهي : أقوال وحركات خاصة يؤديها المصلي تعبدا لله تعالى وطلبا لنيل رضوان الله وثوابه ؛ في وقت مخصوص وعلى هيئة مخصوصة وفي مكان مخصوص . 


والصلاة في الشرع كما عرفها بعض العلماء هي : " قربة فعلية ذات إحرام وسلام، أو مع ركوع وسجود، أو سجود فقط.

 

فسجود التلاوة صلاة مع أنه ليس له إحرام ولا سلام. وصلاة الجنازة صلاة مع أنها ليس فيها ركوع أو سجود ".


وتعد الصلاة من أعظم الواجبات بعد توحيد الله عز وجل ، وهي مفتاح كل خير سواء كان هذا الخير دنيويا أو أخرويا ، وفضائل الصلاة كثيرة وعظيمة ، وسنبين لك في الفقرة التالية فضائل الصلاة وفوائدها الجليلة والتي ستبين لك بشكل أكبر حقيقة هذه العبادة الفاضلة وأهميتها العظيمة في شريعة الإسلام المطهرة .


ثانيا : أهمية الصلاة في الإسلام وفضائلها المباركة

 

في هذا القسم من المقال سنتحدث عن أهمية الصلاة في الإسلام ؛ وذلك من خلال ذكر فضائلها المتعددة ، وإليك الآن بعض هذه الفضائل : 


1 ـ  لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه، ويصلي الصلاة، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها. صحيح البخاري. فالصلاة سبب من أسباب مغفرة الذنوب .


2 ـ ومن فضائل الصلاة العظيمة أن الملائكة تصلي على الإنسان ما دام في مصلاه .


3 ـ وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم ". وفي هذا الحديث بيان لأهمية الصلاة في الإسلام حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بأن يحرق بيوت من تخلفوا عن الصلاة في المسجد النبوي .


4 ـ وفي صحيح البخاري أيضا أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها . فهي من أفضل الأعمال وأجل العبادات في الإسلام .


5 ـ ومن فضائل الصلاة العظيمة أن كل خطوة تمشيها إلى الصلاة فهي صدقة . 


6 ـ ورد في صحيح مسلم أن : الصلاة نور ، وهي فعلا نور للمؤمن يهتدي به في الدنيا والآخرة .


7 ـ من حافظ على الصلاة كان بينه وبين الله عهد أن يدخله الجنة .


8 ـ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما هو مذكور في القرآن الكريم .


9 ـ الصلاة يمكن الاستعانة بها على قضاء حوائج الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى : " واستعينوا بالصبر والصلاة ".


10 ـ المحافظة على الصلاة تحميك من سوء الخاتمة.


11 ـ ومن فضائل الصلاة أنها تعلم الإنسان الصبر والالتزام . 


12 ـ ومن فضائل الصلاة أنها تضبط أوقات المؤمن خلال النهار .


13 ـ ومن فضائلها أنها تدفعك للمحافظة على طهارة البدن وطهارة الروح .


14 ـ ومن فضائل الصلاة أنها كانت آخر وصية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته فقد قال عليه الصلاة والسلام : " الصلاة وما ملكت أيمانكم ". 


15 ـ والصلاة سبب قوي لاستقامة الإنسان وصلاح أمره وحاله في الدنيا والآخرة .


16 ـ ومن فضائل الصلاة جماعة في المسجد أنها تقوي العلاقة بين أفراد المجتمع وتزيل الفوارق الاجتماعية فيما بينهم . 


17 ـ ومن فضائلها أيضا أنها تمنحك السكينة والطمأنينة خصوصا في عصرنا هذا المعروف بالسرعة والقلق والتوتر.


وفضائل الصلاة كثيرة يصعب حصرها في هذا المقال وقد ذكرنا لك بعضا منها لكي تكون على علم بأهمية هذه العبادة الفاضلة في ديننا الحنيف .


ثالثا : أقوال العلماء في الصلاة 


1 ـ " من حافظ عليها -أي الصلاة- كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة من النار " . أبو بكر الصديق رضي الله عنه .


2 ـ " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " . عمر ابن الخطاب رضي الله عنه .


3 ـ " الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم " . عثمان بن عفان رضي الله عنه .


4 ـ " ليست الصلاة قيامك وقعودك ، إنما الصلاة إخلاصك " . علي بن أبي طالب رضي الله عنه .


5 ـ " فكل مستخّفٍ بالصلاة مستهين بها فهو مستخّف بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة " . الإمام أحمد .


6 ـ " من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر، مع خفة مؤنتها عليه، وعظيم فضلها، فهو لما سواها أضيع " . ابن حجر .


7 ـ " لا يُقبل من العبد شيء من أعماله إلا بفعل الصلاة ؛ فهي مفتاح ديوانه ، ورأس مال ربحه ، ومحالٌ بقاء الربح بلا رأس مال ؛ فإذا خسرها خسر أعماله كلها وإن أتى بها صورة ، وقد أشار إلى هذا في قوله: "فإن ضيعها فهو لما سواها أضيع"، وفي قوله : أول ما ينظر من أعماله الصلاة، فإن جازت له نظر في سائر أعماله، وإن لم تجز له لم ينظر في شيء من أعماله بعد ". ابن القيم .


8 ـ " ولا ريب أن الصلاة أعظم في ميزان الدين من الصيام، وهي العبادة الأولى وعمود الإسلام، والفيصل بين المسلم والكافر، ولكن الجهل والغفلة، وحب الدنيا، جعل بعض الناس يغفلون عن أهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام، حتى إن بعضهم ليعيش عمره ولا ينحني لله يومًا راكعًا ". القرضاوي .


9 ـ " يجب على الإنسان أن يواظب على إقامة الصلاة لأنها استدامة إعلان ولاء العبد لربه خمس مرات، وهذه الاستدامة ساعة ينادي: الله أكبر، فلا تشغل بمخلوق آخر لربك يناديك " . الشعراوي .


10 ـ " من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة " . ابن المسيب .


11 ـ " لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له " . أبو الدرداء رضي الله عنه .


رابعا : ما هي أركان الصلاة ؟


أركان الصلاة تختلف من مذهب إلى آخر ولكن هذا الاختلاف بسيط ولا يؤثر كثيرا على جوهر الصلاة وحقيقتها في الإسلام ، ونحن في هذا المقال سنذكر لك أركان الصلاة وفرائضها حسب المذهب المالكي ، وهي على الشكل التالي : 


1- النية (أي نية الصلاة المعينة) : 


والنية محلها القلب وهي عبادة قلبية تجب عند أول الصلاة ، والتلفظ بها ليس مطلوبا في الصلاة إلا إذا كان المصلي فيه نوع من الوسواس فيجوز له التلفظ بها حتى يدفع تلك الوسوسة التي تحدث له في صلاته ، ومعنى النية هو قصد فعل الشيء وإرادته وفي الحديث الشريف : " إنما الأعمال بالنيات " . والنية تعد ركنا من أركان الصلاة التي بدونها تبطل صلاة المسلم . 


وقد قال ابراهيم النخعي : " "لم يكن عبدالرحمن بن يزيد النخعي يعمل شيئًا إلا بنية، حتى أنه كان يشرب الماء بنية " . وقال ابن المبارك : " رُبَّ عمل صغير تعظمه نية، ورب عمل كبير تحقره نية " .


2- تكبيرة الإحرام : 


وهي الركن الثاني من أركان الصلاة بعد النية ؛ وأداء تكبيرة الإحرام يكون بقول المصلي ( الله أكبر ) في أول الصلاة وهو قائم ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مِفتاحُ الصَّلاةِ: الطُّهورُ، وتحريمُها: التَّكبيرُ، وتحليلُها: التَّسليمُ».


3- القيام لها في الفرض :

 

فالقيام واجب على الإنسان القادر على ذلك ، لقوله تعالى : "وقوموا لله قانتين " .


4- الفاتحة على الإمام والفذ : 


قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد ركن من أركان الصلاة، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وداود الظاهري، وجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب  )).


5- والقيام لها : 


والمقصود بالقيام لها في الركن الخامس من أركان الصلاة هو وجوب القيام عند قراءة الفاتحة ، أما غير القادر على القيام فهو معذور ولا حرج عليه في ذلك .


6- الركوع : 


والركوع هو انحناء الظهر والرأس خضوعا لله تعالى حتى تمس يدا المصلي ركبتيه ويطمئن ظهره ويستوي .


7- والرفع منه :


أي الرفع من الركوع والرجوع إلى حالة القيام .


8- السجود على الجبهة : 


والسجود هو الخضوع والتذلل لله عز وجل بوضع الجبهة على الأرض .


9- الجلوس بين السجدتين : 


وهو جلوس المصلي بعد السجدة الأولى مع استقامة ظهره .


10- السلام : 


الأولى اقتصار المصلي على قوله السلام عليكم ، أما زيادة ورحمة الله وبركاته فهي خلاف الأولى . ويكون بتسليمة واحدة ؛ بلفظ : السلام عليكم. وأن هذا هو المشهور والذي به العمل عند المالكية، ولا يضر زيادة " ورحمة الله وبركاته " في صيغة السلام .


11- الجلوس له : 


أي الجلوس عند السلام في آخر الصلاة .


12- الاعتدال : 


والمقصود بالاعتدال في الصلاة أن يعود الجسم إلى الحالة التي كان عليها قبل أداء أي ركن من أركان الصلاة .


13- الطمأنينة : 


والمقصود بالطمأنينة في الصلاة هو ما سنشرحه بشكل مفصل عند الحديث عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقال.


14- ترتيب الفرائض : 


أن يأتي بالفرائض حسب الترتيب الذي صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم .


خامسا : صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم 


فقد ورد في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه رضوان الله عليهم : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .


 وقد ألف المحدث ناصر الدين الألباني كتابا لطيفا بين فيه كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .


وسمى هذا الكتاب ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) والكتاب مطبوع وموجود أيضا منه نسخة إلكترونية على الإنترنت لمن يريد أن يطلع بشكل مفصل على الهيئة الصحيحة التي كان يصلي بها النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أن يقتدي به في الصلاة ويعمل بحديثه صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " .


ونحن في هذه الفقرة سنحاول أن نختصر لكم أهم ما جاء في هذا الكتاب الذي يضم بين جنباته حوالي 225 صفحة من الحجم المتوسط ، وذلك حتى يسهل على من ليس له الرغبة في الاطلاع على الكتاب بأكمله أن يعرف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وإليك بيان ذلك : 


1 ـ استقبال الكعبة قائما :

  

كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد الصلاة يستقبل الكعبة ؛ ففي البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " . وكان صلى الله عليه وسلم يصلي الفرض والتطوع قائما اقتداءا بقوله تعالى : " وقوموا لله قانتين " . وأما في السفر فكان يصلي النافلة على راحلته أي على دابته .


2 ـ الصلاة في النعال :

 

وأباح لأمته الصلاة في النعال وذلك في الحديث الذي رواه أبو داود والبزار وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ؛ حيث قال فيه صلى الله عليه وسلم : " إذا صلى أحدكم فليلبس نعليه أو ليخلعهما بين رجليه ولا يؤذي بهما غيره " . و " كان إذا نزعهما وضعهما عن يساره " أي النعال .


3 ـ الصلاة إلى سترة  والنهي عن الصلاة تجاه القبور: 


وكان صلى الله عليه وسلم لا يصلي إلا إلى سترة ، وكان يقول عليه الصلاة والسلام : " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه " .


وكان عليه الصلاة والسلام ينهى الناس عن الصلاة تجاه القبور ، وفي الحديث : " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها " .


4 ـ استفتاح الصلاة بالتكبير :


كان صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بقوله : (الله أكبر) ، و " كان يرفع صوته بالتكبير حتى يسمع من خلفه "، وكان يقول: " إذا قال الإمام: الله أكبر فقولوا: الله أكبر " . 


و"كان يرفع يديه تارة مع التكبير وتارة بعد التكبير وتارة قبله " ،  و" كان يرفعهما ممدودة الأصابع [لا يفرج بينها ولا يضمها] "، و " كان يجعلهما حذو منكبيه وربما كان يرفعهما حتى يحاذي بهما [فروع] أذنيه " .


5 ـ وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة :


و " كان صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى ". و  " كان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد " ، و " كان يضعهما على الصدر" أي على صدره صلى الله عليه وسلم .


6 ـ النظر إلى موضع السجود : 


وكان صلى الله عليه وسلم ينظر في صلاته إلى موضع سجوده ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول : " صل صلاة مودع كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك " . 


وكان يقول صلى الله عليه وسلم : " ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله " .


 فانظر إلى هذا الفضل العظيم الذي يحصل عليه كل من يؤدي الصلاة على الهيئة التي كان يؤدي بها النبي صلى الله عليه وسلم صلاته . وكان يقول عليه الصلاة والسلام : " لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان " . 


7 ـ دعاء استفتاح الصلاة : 


ومن الأدعية التي كان يستفتح بها النبي صلاته سواء الفرض منها أو النافلة ؛ ما نقل عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال : " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك " هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه .


وللإشارة فقط فإن دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي تستفتح به الصلاة سواء صلاة الفريضة أو صلاة النافلة ويكون بين التكبير والقراءة ، أي بعد التكبير وقبل قراءة سورة الفاتحة وهو سنة مندوبة فإذا نسي المصلي قراءته في صلاته فصلاته صحيحة أو ترك قراءته فلا حرج عليه لكن المستحب أن يأتي به المصلي اقتداء بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .


8 ـ الاستعاذة والبسملة والفاتحة : 


ثم بعد دعاء الاستفتاح كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الشيطان الرجيم وكان يقول صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " . ثم يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) ولا يجهر بها ، ثم يقرأ الفاتحة ويقطعها آية آية : بسم الله الرحمن الرحيم [ثم يقف ثم يقول:] الحمد لله رب العالمين [ثم يقف ثم يقول:] الرحمن الرحيم [ثم يقف ثم يقول:] مالك يوم الدين وهكذا إلى آخر السورة وكذلك كانت قراءته كلها يقف على رؤوس الآي ولا يصلها بما بعدها .


وكان يقول صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب " . وكان يقول: " ما أنزل الله عز وجل في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني [والقرآني العظيم الذي أوتيته] ". وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من قراءة الفاتحة قال: (آمين) يجهر ويمد بها صوته .  وكان يأمر المقتدين بالتأمين بعيد تأمين الإمام . فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه .


9 ـ قراءة السورة بعد الفاتحة :


ثم كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد الفاتحة سورة غيرها وكان يطيلها أحيانا ويقصرها أحيانا لعارض سفر أو سعال أو مرض أو بكاء صبي . وكان أحيانا يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر . وكان يقول عليه الصلاة والسلام : " أفضل الصلاة طول القيام " .


10 ـ الجهر بالقراءة :


وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في صلاة الصبح وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء ويسر بها في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والأخريين من العشاء .


 وكان يجهر بها أيضا في صلاة الجمعة والعيدين والاستسقاء،  والكسوف . وأما في صلاة الليل فكان تارة يسر وتارة يجهر . وكان يقول صلى الله عليه وسلم : (الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة) .


11 ـ السور التي كان يقرأها صلى الله عليه وسلم في الصلاة : 


وأما ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات من السور والآيات فإن ذلك يختلف باختلاف الصلوات الخمس وغيرها فعلى سبيل المثال كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة أو الطور أو ق أو إذا الشمس كورت أو إذا زلزلت وقرأ مرة في السفر بالمعوذتين .


 وتارة كان يقرأ في الفجر سورة الروم وأحيانا سورة يس . وكان يطول في الركعة الأولى ويقصر في الثانية . وأما قراءته في ركعتي سنة الفجر فكانت خفيفة جدا . 


ومؤلف الكتاب رحمه الله قد ذكر ما كان يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في جميع صلواته ومن أراد ذلك بشكل مفصل فليعد إلى الكتاب ، ونحن هنا اقتصرنا على ذكر صلاة الصبح كمثال فقط حتى لا نطيل على القارئ الكريم .


12 ـ أداب تلاوة القرآن في الصلاة : 


وكان صلى الله عليه وسلم يرتل القرآن ترتيلا ؛ وكان يمد قراءته ويقف على رؤوس الآي كما سبق بيانه . وكان يأمر بالتغني بالقرآن .


 وكان يقول صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن ". وقد سن صلى الله عليه وسلم الاستعاذة والتفل في الصلاة لدفع الوسوسة .


13 ـ صفة ركوع النبي صلى الله عليه وسلم :


ثم كان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من القراءة سكت سكتة ثم رفع يديه على الوجوه المتقدمة في (تكبيرة الافتتاح) وكبر وركع ثم يضع يديه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ، وكان يفرج بين أصابعه حين يضعها على ركبته في الركوع. 


وفي الحديث الصحيح  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك ومكن لركوعك " . و كان لا يصب رأسه ولا يقنع  أي لا يخفضه كثيرا ولا يميله إلى الأرض .


و كان يطمئن في ركوعه صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : " نهاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أنقر في صلاتي نقر الديك " .


14 ـ أذكار الركوع : 


وكان يقول صلى الله عليه وسلم في الركوع الأذكار التالية : 


ـ سبحان ربي العظيم (ثلاث مرات) وكان - أحيانا - يكررها أكثر من ذلك .


ـ سبوح قدوح رب الملائكة والروح .


ـ  اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت [أنت ربي] خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي (وفي رواية وعظامي) وعصبي [وما استقلت به قدمي لله رب العالمين] .


ـ سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة .


15 ـ مدة الركوع والنهي عن قراءة القرآن فيه :


وكان صلى الله عليه وسلم يجعل ركوعه وقيامه بعد الركوع وسجوده وجلسته بين السجدتين قريبا من السواء .

 وكان ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود . 


16 - ماذا كان يفعل عليه السلام بعد الرفع من الركوع :


 ثم كان صلى الله عليه وسلم يرفع صلبه من الركوع قائلا: سمع الله لمن حمده . ثم كان يقول وهو قائم : ربنا [و] لك الحمد . وتارة يقول : ربنا لك الحمد بدون ذكر حرف الواو .


وكان تارة يزيد على ذلك فيقول : ملء السماوات و [ملء] الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد . وتارة يضيف إليها : أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد .


وكان صلى الله عليه وسلم يجعل قيامه هذا قريبا من ركوعه كما تقدم بل كان يقوم أحيانا حتى يقول القائل: قد نسي [من طول ما يقوم] ، وكان يأمر بالاطمئنان فيه أي في هذا القيام الذي هو بعد الركوع .


17 - صفة سجوده صلى الله عليه وسلم :


ثم كان صلى الله عليه وسلم يكبر ويهوي ساجدا ، وكان إذا أراد أن يسجد كبر [ويجافي يديه عن جنبيه] ثم يسجد ، وكان يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه ، وكان يقول : إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفع فليرفعهما . وكان يعتمد على كفيه [ويبسطهما] . ويضم أصابعهما ويوجهها قبل القبلة .

وكان يجعلهما حذو منكبيه ، وأحيانا حذو أذنيه ،  وكان يمكن أنفه وجبهته من الأرض، وكان يمكن أيضا ركبتيه وأطراف قدميه ، ويستقبل [بصدور قدميه و] بأطراف أصابعهما القبلة، ويرص عقبيه . وينصب رجليه وكان يفتح أصابعهما ، فهذه سبعة أعضاء كان صلى الله عليه وسلم يسجد عليها: الكفان والركبتان والقدمان والجبهة والأنف .


وكان صلى الله عليه وسلم لا يفترش ذراعيه بل كان يرفعهما عن الأرض ويباعدهما عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطيه من ورائه وحتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت . وكان يأمر المسيء في صلاته بالاطمئنان في السجود .


18 - الأدعية التي تقال في السجود :


ومن الأدعية التي كان يقولها في السجود صلى الله عليه وسلم : 


ـ سبحان ربي الأعلى (ثلاث مرات) و كان - أحيانا - يكررها أكثر من ذلك .


ـ سبوح قدوس رب الملائكة والروح .


ـ سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي .


ـ اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت [وأنت ربي] سجد وجهي للذي خلقه وصوره [فأحسن صوره] وشق سمعه وبصره [ف] تبارك الله أحسن الخالقين .


ـ اللهم اغفر لي ذنبي كله ودقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره .


ـ سجد لك سوادي وخيالي وآمن بك فؤادي أبوء بنعمتك علي هذي - يدي وما جنيت على نفسي .


ـ سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة .


ـ سبحانك [اللهم] وبحمدك لا إله إلا أنت .


ـ اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت .


ـ اللهم اجعل في قلبي نورا [وفي لساني نورا] واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من تحتي نورا واجعل من فوقي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا واجعل أمامي نورا - واجعل خلفي نورا [واجعل في نفسي نورا] وأعظم لي نورا .


ـ [اللهم] [إني] أعوذ برضاك من سخطك و [أعوذ] بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .


وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود ويأمر بالاجتهاد والإكثار من الدعاء في هذا الركن كما مضى في الركوع . وكان يقول: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء [فيه] .


19 - أمور مهمة تتعلق بالسجود :


وكان صلى الله عليه وسلم يجعل سجوده قريبا من الركوع في الطول وربما بالغ في الإطالة لأمر عارض ، وكان صلى الله عليه وسلم يسجد على الأرض كثيرا، وكان يصلي على الخمرة أحيانا ، والخمرة هي سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتغطى بالخيوط؛ وسميت خمرة؛ لأنها تستر وجه المصلي عن الأرض. 


وكان يصلي على الحصير أحيانا وصلى عليه - مرة - وقد اسود من طول ما لبس .


20 - الرفع من السجود :


ثم كان صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه من السجود مكبرا .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يتم صلاة لأحد من الناس حتى. . . يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يقول: (الله أكبر) ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا " و "كان يرفع يديه مع هذا التكبير " أحيانا ، ثم يفرش رجله اليسرى فيقعد عليها [مطمئنا] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا سجدت فمكن لسجودك فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى " .


 وكان ينصب رجله اليمنى ويستقبل بأصابعها القبلة ،  وكان صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه .


21 - أذكار ما بين السجدتين :


وكان يقول الأذكار التالية بين السجدتين : 


ـ اللهم (وفي لفظ: رب) اغفر لي وارحمني [واجبرني] [وارفعني] واهدني -[وعافني] وارزقني .


22 - السجدة الثانية :


ثم تقول: الله أكبر ثم تسجد حتى تطمئن مفاصلك [ثم افعل ذلك في صلاتك كلها] ،  وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع هذا التكبير أحيانا .


وكان يقول : [ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة] فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك وإن أنقصت منه شيئا أنقصت من صلاتك .


23 - جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية :


ثم يستوي قاعدا [على رجله اليسرى معتدلا حتى يرجع كل عظم إلى موضعه] ،  ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض معتمدا على الأرض إلى الركعة الثانية .


24 - الركعة الثانية :


وكان صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية استفتح بالحمد لله ولم يسكت . وكان يصنع في هذه الركعة مثل ما يصنع في الأولى إلا أنه كان يجعلها أقصر من الأولى . وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة في كل ركعة . 


25 - صفة تشهده صلى الله عليه وسلم :


ثم كان صلى الله عليه وسلم يجلس للتشهد بعد الفراغ من الركعة الثانية فإذا كانت الصلاة ركعتين كالصبح (جلس مفترشا) .


وكان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليمنى على فخذه (وفي رواية: ركبته) اليمنى ووضع كفه اليسرى على فخذه (وفي رواية: ركبته) اليسرى [باسطها عليها] . ونهى رجلا وهو جالس معتمد على يده اليسرى في الصلاة فقال: إنها صلاة اليهود .


 وكان صلى الله عليه وسلم يبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها ويشير بإصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ويرمي ببصره إليها ، وكان إذا أشار بإصبعه وضع إبهامه على إصبعه الوسطى ، وتارة كان يحلق بهما حلقة ، وكان يرفع إصبعه يحركها يدعو بها .


26 - ماذا كان يقول عليه السلام في تشهده :


وكان يقول : إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات إلخ. . . وليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع الله عز وجل [به] .


قال ابن مسعود رضي الله عنه :علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد -[و] كفي بين كفيه - كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين [فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض] أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) [وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا: السلام على النبي] .


وهناك عدة صيغ للتشهد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم يمكنك الرجوع فيها إلى كتاب صفة صلاة النبي الذي قد اختصرناه لك في هذا المقال .


27 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد :

  

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره ، وسن ذلك لأمته حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه .


وعلمهم أنواعا من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ؛ منها : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على [إبراهيم وعلى] آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على [إبراهيم وعلى] آل إبراهيم إنك حميد مجيد .


28 - الركعة الثالثة والرابعة :


ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض إلى الركعة الثالثة مكبرا ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من القعدة كبر ثم قام ، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع هذا التكبير أحيانا ، وكان إذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة قال: (الله أكبر) ، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه ، مع هذا التكبير أحيانا . 


ثم كان يستوي قاعدا على رجله اليسرى معتدلا حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ثم يقوم معتمدا على الأرض .


29 - دعاء القنوت :


وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت في الركعة الأخيرة بعد الركوع إذا قال: (سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد) و (كان يجهر بدعائه) . ويرفع يديه ويؤمن من خلفه . وكان يقنت في الصلوات الخمس كلها) لكنه كان لا يقنت فيها إلا إذا دعا لقوم أو على قوم . ثم كان يقول - إذا فرغ من القنوت -: (الله أكبر) فيسجد .


وكان صلى الله عليه وسلم يقنت في ركعة الوتر أحيانا ،  ويجعله قبل الركوع ، وعلم الحسن بن علي رضي الله عنه أن يقول [إذا فرغ من قراءته في الوتر] : " اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت [ف] إنك تقضي ولا يقضى عليك [و] إنه لا يذل من واليت [ولا يعز من عاديت] تباركت ربنا وتعاليت [لا منجا منك إلا إليك]  " .


30 - التشهد الأخير :


ثم كان صلى الله عليه وسلم بعد أن يتم الركعة الرابعة يجلس للتشهد الأخير، وكان يأمر فيه بما أمر به في الأول ويصنع فيه ما كان يصنع في الأول إلا أنه كان يقعد فيه متوركا ، يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض ويخرج قدميه من ناحية واحدة . و (يجعل اليسرى تحت فخذه وساقه) و (ينصب اليمنى) وربما (فرشها) أحيانا .


وكان يلقم كفه اليسرى ركبته يتحامل عليها ، وسن فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما سن ذلك في التشهد الأول ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا فرغ أحدكم من التشهد [الآخر] فليستعذ بالله من أربع [يقول: اللهم إني أعوذ بك] من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر [فتنة] المسيح الدجال [ثم يدعو لنفسه بما بدا له] .


31 - الدعاء قبل السلام : 


وكان صلى الله عليه وسلم يدعو قبل السلام بأنواع من الدعاء : 


ـ اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم .


ـ اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل [بعد]  .


ـ اللهم حاسبني حسابا يسيرا .


ـ اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق (وفي رواية: الحكم) والعدل في الغضب والرضى وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا يبيد وأسألك قرة عين [لا تنفد و] لا تنقطع وأسألك الرضى بعض القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك و [أسألك] الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين .


ـ اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يفغر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .


وكان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت .


32 - صفة سلامه صلى الله عليه وسلم :


 ثم (كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: (السلام عليكم ورحمة الله) [حتى يرى بياض خده الأيمن] وعن يساره: (السلام عليكم ورحمة الله) [حتى يرى بياض خده الأيسر] ،  وكان أحيانا يزيد في التسليمة الأولى: (وبركاته) ،  وأحيانا (كان يسلم تسليمة واحدة: [ (السلام عليكم) ] [تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئا] [أو قليلا] .


وكان صلى الله عليه وسلم يقول: . . . وتحليلها (يعني: الصلاة) التسليم .


33 - ملاحظة هامة :


كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء ولم يرد في السنة ما يقتض استثناء النساء من بعض ذلك بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يشملهن وهو قول إبراهيم النخعي قال: (تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل) .


34 - كيفية تحريك الإصبع في التشهد :


شاهد هذا الفيديو لكي تعرف كيفية تحريك الإصبع أثناء التشهد في الصلاة :


خاتمة المقال : 


في الختام أسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين أن يجعلنا الله من المحافظين على الصلاة في وقتها وعلى الوجه الذي يرضي ربنا إنه سميع مجيب . اللهم آمين .


للمزيد من الاطلاع يمكنك قراءة المقالات التالية : 

ـ كتاب فاتتني صلاة لإسلام جمال .

ـ أفضل 10 كتب دينية للمبتدئين 

ـ زوجات الرسول والحكمة من تعددهن 


    

تعليقات