السعادة

السعادة كل واحد منا في هذه الحياة يبحث عنها ، لكن أغلب الناس لا يعرفون بشكل صحيح ما هي السعادة ؟ فهم يجهلون حقيقتها ، ولا يعرفون الطريق التي تؤدي بهم إلى هذا المفهوم الذي نسميه بالسعادة . لذلك سنحاول في هذا المقال الإجابة على السؤال التالي : ما هي السعادة ؟ وما هو الطريق المؤدي إليه في هذه الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة ؟

 

أولا : ما هي السعادة ؟

 

لقد اختلف الناس قديما وحديثا في تعريف السعادة وكل واحد ممن عرفوا السعادة عرفوها حسب فهمهم للحياة وحساب تجاربهم الخاصة التي مروا بها عبر مختلف الفترات والأزمنة ، ولذلك يصعب علينا أن نعرف السعادة تعريفا يتفق عليه الجميع ، ولكن سنحاول أن نقدم لكم التعريف الذي نراه الأنسب والأصلح لتعريف هذا المفهوم الذي له ارتباط قوي بنفسية الإنسان ومزاجه ومشاعره وأحاسيسه .


بكلمات بسيطة يمكن القول بأن السعادة هي : حصول التوازن الداخلي بين متطلبات الجسد والعقل والنفس والروح مما يؤدي بالإنسان إلى الشعور بالانسجام والتوافق والإطمئنان . أما إذا كان الإنسان في هذه الحياة يلبي فقط متطلبات الجسد ورغباته أو فقط يلبي متطلبات الروح ورغباتها أو يلبي فقط متطلبات العقل ، أو يلبي فقط متطلبات النفس ؛ فإنه لن يشعر بالسعادة الحقيقية في حياته . بل ستكون سعادته وهمية ولحظية لا تبقى معه على الدوام .


لأجل ذلك قال الدكتور مصطفى محمود : " السعادة ليست في الجمال ولا في الغني ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة ، بل السعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء " ؛ وفعلا فالسعادة هي أن تعرف كيف توازن بين هذه الأشياء المختلفة والمتضادة مع بعضها البعض ، ومعرفة الموازنة بين هذه الأمور التي لخصناها لك في أربعة أشياء وهي : الجسد والعقل والنفس والروح ، هو الحكمة التي أعطاها الله لبعض من خلقه مثل الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين .


فنبينا صلى الله عليه وسلم أوتي الحكمة وذلك في قوله تعالى : " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة " والمقصود بالحكمة هنا كما قال المفسرون هي السنة النبوية ، فسنته وسيرته صلى الله عليه وسلم كلها حكمة وتوازن وانساجم تام بين متطلبات الجسد والروح والعقل والنفس . 

 

وإذا تتبعت أقوال وتعاريف الحكماء والعلماء عبر مختلف العصور لمفهوم السعادة ستجد أن أغلبهم يشيرون من قريب أو من بعيد إلى أهمية التوازن الداخلي عند الإنسان من أجل تحقيق السعادة في حياته .


ثانيا : ما هو الطريق المؤدي إلى السعادة ؟ 


هذا السؤال قد أجبنا عنه بشكل ضمني عندما عرفنا السعادة في الفقرة السابقة من هذا المقال ، لكن في هذه الفقرة سنوضح أكثر الطريق المؤدية إلى تحقيق السعادة في الحياة وذلك على الشكل التالي : 


إذا كانت السعادة هي تحقيق التوازن بين متطلبات الجسد والروح والعقل والنفس ، فإن الوصول إليها يكون بمعرفة أولا ما هي متطلبات الجسد ؟ وثانيا تلبيت هذه المتطلبات ، وثالثا عدم إغفال بقية المتطلبات الأخرى الخاصة بكل من الروح والنفس والعقل .


أولا : متطلبات الجسد أو المتطلبات المادية


جسد الإنسان عموما يتطلب الأمور التالية : 


ـ أكل جيد وصحي وخالي من المواد الكيماوية . بحيث يجب أن يتناول الإنسان مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية المتوازنة، بما في ذلك الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات النباتية والحيوانية، ويتجنب تناول الأطعمة المصنعة والدهون المشبعة والسكريات الزائدة.


ـ النوم الكافي أثناء الليل لمدة لا تقل عن 8 ساعات ما بين منتصف الليل إلى الثامنة أو التاسعة صباحا .


ـ ممارسة الرياضة ولو لعشر أو خمس دقائق في اليوم .


ـ أن يكون للإنسان عمل يحبه ويستطيع أن يعيش من خلاله هو وأسرته الصغيرة الحياة بشكل طبيعي ودون أية مشاكل مالية واقتصادية .


ـ أن يكون للإنسان زوجة صالحة تشبع رغباته الجنسية بشكل طبيعي وسليم .


ـ أن يكون للإنسان منزل صحي ويتواجد في ماكن هادئ .


ـ أن يكون للإنسان سيارة يتنقل بها حيث ما شاء هو وأسرته . 


ثانيا : متطلبات الروح 


للروح متطلبات خاصة يجب أن يلبيها الإنسان مع بقية المتطلبات الأخرى التي ذكرناها وسنذكرها بالتفصيل بعد قليل حتى يتمكن من تحقيق السعادة الحقيقية في حياته :


ـ الإيمان بالله وحده وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره أي الرضا بقضاء الله ، والإيمان بهذه الأمور الستة كلها هو مفتاح السعادة الكبرى في هذه الحياة الدنيا لكن بشرط اقترانها بتلبية المتطلبات الأخرى .


ـ المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها .


ـ الصدق والأمانة .


ـ قراءة أذكار الصباح والمساء بشكل يومي .


ـ التصدق ولو بالقليل .


ـ إخراج الزكاة .


ـ صوم رمضان والأيام الفاضلة .


ـ الحج والعمرة لمن استطاع إليهم سبيلا .


ـ بر الوالدين .


ـ حسن التعامل مع الجار .


ـ حسن المعاملة مع الناس .


ـ التأمل والتفكر في مخلوقات الله .


ـ المحافظة على قراءة القرآن بشكل يومي ولو صفحة واحدة في اليوم .


ثالثا : متطلبات العقل 


إليك بعض المتطلبات الخاصة بالجانب العقلي في الإنسان :


ـ قراءة ولو 10 صفحات في اليوم في أي مجال تحبه وتعشقه .


ـ تعلم شيء جديد كل يوم . مثل تعلم لغة جديدة أو علم جديد أو تقنية جديدة أو تعلم كيفية عمل تطبيق جديد .


ـ تعلم التفكير النقدي .


ـ اكتساب مهارات جديدة تساعدك في حياتك المهنية .


ـ تعليم الآخرين ومشاركة المحتوى النافع معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي .


ـ صحبة الأشخاص المتعلمين والاستفادة من معارفهم وعلومهم .


ـ حضور الندوات والمحاضرات والدروس المفيدة والنافعة .


ـ تعلم مهارات الحفظ والتذكر السريع .


رابعا : متطلبات النفس البشرية 


أما متطلبات النفس الإنسانية فهي كثيرة ونحن سنختصرها لك في الأمور التالية :

 

ـ اكتساب مهارة الثقة في النفس .


ـ اكتساب مهارة التخطيط وإدارة الوقت .


ـ اكتساب فن التعامل مع النس .


ـ اكتساب مهارة حل المشاكل والأزمات .


ـ اكتساب مهارة التفكير الإيجابي .


ـ تجنب القلق والتوتر .


ـ تخصيص جزء من وقتك للاسترخاء والترفيه عن النفس .


ـ استشارة طبيب نفسي إذا لزم الأمر ذلك .


ثالثا : هل السعادة تحتاج إلى كل هذه المتطلبات ؟ 


يجب أن تعلم أن الإنسان لا يمكنه أن يحقق جميع المتطلبات التي ذكرناها أعلاه في الفقرة الثانية من هذا المقال لأن الكمال لله وحده ، وهذه الدار هي دار امتحان واختبار ، فقد يحقق الله بعض المتطلبات وقد يمنعك بعضا منها ليختبر صبرك ورضاك عنه في هذه الدنيا ، لذلك عليك أن تبذل جهدك في تحقيق تلك المتطلبات الأربع التي ذكرناها ولكن على حسب جهدك وقدرتك وتوفيق الله لك في هذا الأمر .


أما المتطلبات التي لم تستطيع تلبيتها وتحقيقها فيجب عليك أن تتقبل عدم وصولك إلى تحقيقها وأن ترضى بما قسمه الله لك منها وبهذا الجهد الذي تبذله في تحقيق تلك المتطلبات وبالرضى والتقبل الذي تشعر به تجاه ما لم تستطيع تحقيقه من متطلبات تحصل  لك السعادة بإذن الله تعالى في هذه الحياة .


وهذا هو التوازن المطلوب من الإنسان حتى يحقق السعادة في حياته ، وهو أن يوازن بين السعي والرضا ، السعي فيما يقدر عليه والرضا بما لم يقدر عليه . والله في عون العبد مادام العبد يسعى ويتوكل على الله العلي الكبير .


خاتمة المقال : 


في الختام يجب على الإنسان أن يهتم بصحته العقلية والجسدية وبالعلاقات الاجتماعية والنشاط البدني والتحكم في الضغوطات النفسية والتعلم المستمر لتحقيق السعادة في حياته الخاصة والعامة.

 

ولا يمكن تحقيق السعادة بشكل دائم، فهي مجرد حالة تارة تصيب الإنسان وتختفي تارة أخرى، ولكن يمكننا العمل على تحقيق السعادة الدائمة من خلال اتخاذ الخطوات المناسبة والحفاظ على الاهتمام بصحتنا الجسدية والعقلية والاجتماعية والروحية. فالسعادة هي حق للجميع، ويمكننا جميعًا تحقيقها إذا اتخذنا الخطوات الصحيحة وعملنا على تحقيق الاستقرار النفسي والجسدي والروحي والعقلي في حياتنا.


للمزيد من الاطلاع يمكنك قراءة المقالات التالية : 


ـ كل ما يجب أن تعرفه عن الزواج قبل أن تدخل قفص الحياة الزوجية 


ـ كيف أكون سعيدا في حياتي مهما تغيرت الظروف من حولي ؟


ـ كتاب لكنود كتاب يحدثنا عن عبادة السعادة العبادة التي لا يمارسها أغلب الناس في حياتهم