التجارة


التجارة تحدث عندما يشارك طرفان في شراء أو بيع نوع من السلع أو الخدمات. وهي الآلية التي تسمح بالتداول في السوق. حيث يحدث التداول عندما يستغل بلد ما الوفرة الحاصلة في بعض موارده عن طريق استبدال الفائض من موارده ، بمورد آخر يمكن أن توفره دولة أخرى .


ويمكن إرجاع التجارة إلى ما قبل أكثر من 9000 عام . وذلك عندما جاء المستوطنون المصريون الأوائل إلى مصر حيث أدركوا وبشكل فطري أنهم غير قادرين على تحقيق الاكتفاء الذاتي بشكل تام ؛ وبالتالي فهم غير قادرين على  إنتاج كل ما يحتاجونه بأنفسهم. وعندها أدركوا أنه على سبيل المثال يمكن للمزارع المصري الذي يربي الأبقار أن يتاجر بلحمها مقابل الحبوب التي ينتجها مزارع مصري آخر .


وهكذا توسعت هذه الفكرة إلى ما هو أبعد من دائرة الأسواق المحلية ؛ وأصبحت في وقتنا الحاضر التجارة الدولية بين البلدان هي مفتاح الاقتصاد العالمي ، وهي مركز النمو الاقتصادي ، وهي أساس التنمية لدى معظم البلدان عبر العالم .


أولا : أهمية التجارة في تنمية الاقتصاد العالمي 


لا شك أننا نعيش في عصر العولمة حيث تتاجر الدول المختلفة عبر أنحاء العالم في السلع والخدمات. وقد شهد هذا العصر تطورا كبيرا للتجارة الدولية ولاتفاقات التجارة الدولية. ومع نمو التجارة العالمية ، أصبحت اقتصادات البلدان المختلفة تعتمد على الصادرات وعلى العلاقات الدولية الجيدة ، وعلى استيراد المواد الخام من مختلف البلدان الأخرى . 


وهذا الأمر يؤدي إلى إبرام اتفاقيات تجارية وسياسية بين البلدان. وتشجع هذه العلاقات المتناغمة بين الدول التي تعتمد على بعضها البعض إلى تحسين مستوى المعيشة بين سكانها. وعندما يكون هناك تنافر أو حرب غالبًا ما تُفرض العقوبات والقيود لمنع الحركة التجارية من وإلى البلد المفروض عليه تلك العقوبات .


على سبيل المثال ، استُخدمت إنجلترا والبرتغال تاريخياً ، منذ زمن بعيد في كتاب آدم سميث ثروة الأمم ، لتوضيح كيف يمكن لبلدين الاستفادة بشكل متبادل من خلال التخصص والتداول وفقًا لمزاياهما النسبية الخاصة بكل بلد على حدة.


وفي هذا المثال يُقال بأن البرتغال لديها مزارع عنب وفيرة ويمكنها صنع النبيذ بتكلفة منخفضة ، في حين أن إنجلترا قادرة على تصنيع القماش بتكلفة أقل نظرًا لأن مراعيها مليئة بالأغنام .


ووفقًا لنظرية الميزة النسبية ، سيتوقف كل بلد في النهاية عن محاولة صنع المنتج الذي كان إنتاجه محليًا أكثر تكلفة ؛وسينخرط كل منهما في التجارة مع البلد الآخر. وفي الواقع ، ومع مرور الوقت ، من المحتمل أن تتوقف إنجلترا عن إنتاج النبيذ ، وتتوقف البرتغال عن تصنيع الملابس. وحينها سيدرك البلدان أنه من مصلحتهما إعادة توجيه جهودهما لإنتاج المنتج الأفضل نسبيا من حيث تكلفة الإنتاج محليا ، وسيركزون على التجارة مع بعضهما البعض من أجل الحصول على المنتج الآخر.

لقد أدرك هذان البلدان أنهما قادران على إنتاج المزيد من خلال التركيز على تلك المنتجات التي يتمتعان بها بميزة نسبية على البلد الآخر. وفي مثل هذه الحالة فإن البرتغاليين سيبدؤون في إنتاج النبيذ فقط ، في حين سيركز الإنجليز فقط على إنتاج القطن .


يمكن لكل دولة الآن إنشاء إنتاج متخصص يبلغ 20 وحدة سنويًا وتداول نسب متساوية من كلا المنتجين. على هذا النحو ، يمكن لكل دولة الآن الوصول إلى كلا المنتجين بتكلفة أقل. 


والمثال الأكثر معاصرة للميزة النسبية هو الميزة النسبية للصين على الولايات المتحدة في شكل العمالة الرخيصة ، حيث ينتج العمال الصينيون سلعًا استهلاكية بسيطة بتكلفة أقل بكثير من الولايات المتحدة الأمريكية . أما الميزة النسبية للولايات المتحدة فهي في العمالة المتخصصة . حيث ينتج العمال الأمريكيون سلعًا أو فرصًا استثمارية متطورة بتكاليف أقل. وبالتالي فالتخصص والتداول على هذا المنوال يفيد كلا البلدين.


ولا شك أن من خلال هذه الميزة النسبية يتطور الاقتصاد العالمي وتتطور العلاقات بين مختلف البلدان عبر العالم .


ثانيا : كيف تكون تاجرا محترفا وناجحا في تجارتك ؟


كي تصبح تاجرًا ماهرا وناجحًا في تجارتك، يجب أن تطور العديد من المهارات والصفات التي يتميز بها التجار الناجحون عبر العالم . وإليك بعضا من النصائح التي يمكنها أن تساعدك في هذا الباب :


1 ـ يجب أن تكون لديك خطة :

 يجب أن تخطط لنشاطك التجاري بشكل جيد وفعال، من خلال تحديد الأهداف والخطوات التي ستتخذها لتحقيق أهدافك التجارية. حيث ينبغي تحديد مواعيد محددة لتنفيذ هذه الخطوات .


2 ـ يجب أن تتحلى بالمرونة :

 تتطلب التجارة عموما أن تكون مرناً وجاهزًا للتكيف مع التغييرات السريعة داخل سوق العمل. ويجب أن تتعلم كيفية تقييم المخاطر وتعديل خطتك بناءً على الظروف المختلفة التي تواجهها في مسارك التجاري .


3 ـ المعرفة بسوق العمل :

 يجب عليك دراسة سوق العمل الذي تريد العمل فيه. وتحديد المنافسين والعملاء المحتملين، ومعرفة ما يرغبون به وكيف يتصرفون .


4 ـ التفكير بطريقة إبداعية :

 من متطلبات النجاح في مجال التجارة أن تكون لديك القدرة على التفكير بطريقة إبداعية ؛ وذلك من أجل إيجاد فرص تجارية جديدة وتحسين منتجاتك و خدماتك بشكل دائم ومستمر .


5 ـ فن التواصل مع الآخرين : 

مما يجب توفره في شخصيتك كتاجر أن تكون لديك مهارات جيدة في التواصل والتفاوض ؛ بحيث تستطيع التواصل مع العملاء والشركاء بكل سهولة ويسر.


6 ـ إدارة الوقت :

 يجب أن تكون قادرًا على إدارة وقتك بشكل جيد. ويمكنك فعل ذلك عن طريق تحديد الأولويات وتخصيص وقت أكبر لأنشطتك الأساسية .


7 ـ الالتزام :

 ومعناه أن تكون على استعداد تام للعمل بجدية ونشاط من أجل تحقيق أهدافك.


8 ـ تطوير الذات :

يجب عليك أن تطور مهاراتك ومعرفتك في مجال الأعمال بشكل مستمر، وذلك عن طريق قراءة الكتب والمقالات ذات الصلة، وحضور الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات المختلفة.


9 ـ الصبر : 

يجب أن تكون صبورًا ولا تستعجل النتائج، حيث أن النجاح في التجارة يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، ولن تحقق النجاح في ليلة وضحاها بل لا بد من بذل الجهد خلال فترة من الزمن لا تقل عن سنة أو سنتين حتى تبدأ النتائج الأولية لتجارتك بالظهور.


10 ـ إدارة المال :

 يجب أن تكون قادرًا على إدارة المال بشكل جيد، وذلك من خلال تحديد ميزانيتك ومتابعة تحركات المال والمصروفات بانتظام، واتخاذ القرارات المالية الصائبة.


11 ـ الجودة :

 يجب أن تكون منتجاتك و خدماتك ذات جودة عالية بالنسبة لمنافسيك في السوق ، حيث أن الجودة هي العامل الرئيسي الذي يحدد نجاح أي عمل تجاري .


ثالثا : أقوال حول موضوع التجارة 


إليك بعض الأقوال الرائعة حول موضوع التجارة ، اخترناها لكم بعناية فائقة : 


ـ " إذا تعاطى الحاكم التجارة فسد الحكم وفسدت التجارة " . ابن خلدون .


ـ " الربح في تجارة القش خير من الخسارة في الذهب " مثل يوغوسلافي .


ـ " لا تستمع أكثر من اللازم إلى ما يقوله الزبائن " ستيف جوبز .


ـ " قيمة التجارة الإلكترونية ليست في التجارة الإلكترونية ، ولكن في التجارة " اوكتافيو باز .


ـ " من اتجر في شيء ثلاث مرات فلم يصيب منه شيئاً فليتحول إلى غيره " عمر ابن الخطاب رضي الله عنه .


ـ " من لا يخاطر لا يربح " أمثال عالمية .


ـ " لا تشتري بأذنيك بل بعينيك " مثل عربي .


رابعا : ما هي منظمة التجارة العالمية ؟ 


منظمة التجارة العالمية تسمى اختصارا باللغة الإنجليزية (WTO) وهي المنظمة الدولية العالمية الوحيدة المسؤولة على وضع قواعد التجارة بين مختلف الدول عبرالعالم . وكذلك إبرام الاتفاقيات فيما بينها من أجل مساعدة منتجي السلع والخدمات والمصدرين والمستوردين على إدارة أعمالهم بشكل ناجح وفعال .


وتعد منظمة التجارة العالمية المؤسسة الرسمية التي تحاول من خلالها الحكومات حل مشكلاتها التجارية التي يواجهونها مع بعضهم البعض .


تتم إدارة منظمة التجارة العالمية من طرف الحكومات التي لها عضوية داخل المنظمة . ويتم اتخاذ القرارات الرئيسية من قبل جميع الأعضاء المنخرطين ، إما من قبل الوزراء (الذين يجتمعون عادة مرة واحدة على الأقل كل عامين) أو عن طريق سفرائهم أو مندوبيهم (الذين يجتمعون بانتظام في جنيف) .


خاتمة المقال :


باختصار، التجارة هي عنصر أساسي في حياتنا اليومية وفي اقتصاد الدول. تسهم التجارة في تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل وتعزيز العلاقات الدولية. ومع ذلك، فإن التجارة تواجه تحديات مختلفة مثل التبعية الاقتصادية والحماية التجارية وتوزيع الثروة.


ومن أجل تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، يجب علينا أن نعمل معًا لتوفير مزيد من الشفافية والمساواة في التجارة والتركيز على التجارة العادلة والمستدامة. لذا، يجب على الحكومات والشركات والمجتمع المدني أن يعملوا بشكل مشترك لضمان أن يستفيد الجميع من فوائد التجارة وأن تتم بطريقة عادلة ومستدامة لجميع الأطراف المعنية.


للمزيد من الاطلاع يمكنك قراءة المقالات التالية : 


ـ كل ما يجب معرفته حول العملات الرقمية 


ـ ما هي السعادة وما هي الطريق المؤدية إليها ؟ 


ـ مزايا وعيوب التجارة الإلكترونية 


المصادر :


ـ Why is trade important and how does it work


ـ WHAT IS INTERNATIONAL TRADE AND ITS IMPORTANCE


ـ what is international trade


ـ What is the WTO