أركان الإيمان في الإسلام 6 ، ولا يصح إيمان العبد المسلم حتى يؤمن بهذه الأركان الستة التي هي أصول هذا الدين الحنيف ، ومن كفر بواحد من هذه الأركان الستة فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وقبل الحديث في هذا المقال عن أركان الإيمان لا بد وأن نبين أولا للقارئ الكريم ما هو المعنى الحقيقي للإيمان .
أولا : تعريف الإيمان
الإيمان في اللغة معناه التصديق أي أن تصدق بوجود الشيء أو وقوعه دون أن تراه بعينك ، أما تعريف الإيمان في الإسلام فهو : أن تصدق بوجود 6 أشياء وهي :
1 ـ التصديق بوجود الله .
2 ـ التصديق بوجود الملائكة .
3 ـ التصديق بوجود الرسل .
4 ـ التصديق بأن الكتب السماوية منزلة من عند الله .
5 ـ التصديق بوجود اليوم الآخر أي يوم القيامة .
6 ـ التصديق بأن القدر خيره وشره من الله تعالى .
وأيضا يدخل في تعريف الإيمان أن تقر وتشهد بالشهادتين و هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويدخل أيضا في تعريف الإيمان في الإسلام أن يعمل المؤمن بأركان الإسلام الخمسة وهي :
1 ـ أن يقول المؤمن الشهاداتان ولو لمرة واحدة في العمر ، والمقصود بالشهاداتان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . وهما داخلتان في الإقرار باللسان الذي ذكرناه قبل قليل في تعريف الإيمان .
2 ـ إقامة الصلوات الخمسة المفروضة على كل مسلم ومسلمة .
3 ـ إيتاء الزكاة لمن توفرت فيه الشروط المذكورة في كتب الفقه .
4 ـ صوم رمضان .
5 ـ حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا .
وكتلخيص لتعريف الإيمان الذي ذكرناه بالتفصيل أعلاه يمكن القول بأن الإيمان هو : " تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان " .
ثانيا : حديث جبريل الذي ذكرت فيه أركان الإيمان
وحديث جبريل هو الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورواه أيضا مجموعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن نذكر لك هنا رواية مسلم التي رواها في صحيحه عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ".
قال القاضي عياض كما في شرح النووي على صحيح مسلم (١/١٥٨) : " وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة، من عقود الإيمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه، قال: وعلى هذا الحديث وأقسامه الثلاثة ألفنا كتابنا الذي سميناه بالمقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان؛ إذ لا يشذ شيء من الواجبات والسنن والرغائب والمحظورات والمكروهات عن أقسامه الثلاثة، والله أعلم ".
وقال القرطبي كما في الفتح (١/١٢٥) : " هذا الحديث يصلح أن يقال له أم السنة؛ لما تضمنه من جمل علم السنة ".
وقال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين : " فهو كالأم للسنة، كما سميت الفاتحة أم القرآن؛ لما تضمنته من جمعها معاني القرآن ".
وما يهمنا في هذا الحديث هو الجزء المتعلق بتعريف الإيمان حيث أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أخبرني ما الإيمان ؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . وهذه هي أركان الإيمان الستة وقد استنبطها العلماء من هذا الحديث النبوي الشريف .
ثالثا : شرح أركان الإيمان المذكورة في حديث جبريل عليه السلام
وإليك الآن شرح أركان الإيمان الستة التي يجب على كل مسلمة ومسلمة أن يعرفها حق المعرفة ويؤمن بها الإيمان الصادق الراسخ :
1 ـ الإيمان بالله تعالى :
الإيمان بالله تعالى هو الركن الأول من أركان الإيمان وهو الركن الأساسي الذي تبنى عليه بقية الأركان الخمسة الأخرى ، ومعنى الإيمان بالله هو الإيمان بأن الله تعالى موجود وأنه الرب الذي يدير شؤون خلقه وأنه هو وحده الإله المعبود في هذا العالم، وكذلك الإيمان بأسمائه وصفاته التي وردت في القرآن والسنة النبوية الصحيحة دون تحريف لمعناها أو تعطيلها أي نفيها أو تمثيلها بصفات خلقه أو تكييفها بمعنى تحديد الكيفية التي توجد عليها هذه الصفات في الحقيقة .
2 ـ الإيمان بالملائكة :
الإيمان بوجود الملائكة عليهم السلام وأنهم أجسام لطيفة لديها القدرة على التشكل بأشكال مختلفة وهي أنواع كثيرة منها ما يعيش في الأرض ومنها ما يعيش في السماء ومنها ما هو ملكف بالجنة ومنها ما هو ملكف بالنار ومنها ما هو مكلف بالأرزاق ومنها ما هو مكلف بالرياح والأمطار وغيرها من الظواهر الطبيعية المختلفة ، ومنها ما هو مكلف بقبض الأرواح ، ومنها ما هو مكلف بتسجيل الحسنات والسيئات ، ومنها ما هو مكلف بحفظ الإنسان من الآفات والمصائب ، وعدد الملائكة كبير لا يعلم عددهم إلا الله العلي الكبير .
وفي الحديث النبوي الشريف الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور ". ومن صفاتهم أنهم يعبدون الله ويفعلون ما يأمرون به من طرف الله سبحانه وتعالى . وهم معصومون من الوقوع في الخطأ والمعصية .
ومن أشهر الملائكة جبريل عليه السلام المكلف بالوحي ، واسرافيل المكلف بالنفخ في الصور ، وكذلك خازن الجنان عليهم السلام جميعا .
3 ـ الإيمان بالكتب السماوية :
الإيمان بالكتب السماوية التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله سلام الله عليهم جميعا ، والمذكور منها في القرآن والسنة الصحيحة خمسة كتب وهي :
ـ الصحف التي أنزلها الله على ابراهيم عليه السلام .
ـ الزبور أنزله الله على نبيه داود عليه السلام .
ـ التوراة أنزلها الله على موسى عليه السلام .
ـ الإنجيل أنزله الله على عيسى عليه السلام .
ـ القرآن أنزله الله على محمد عليه الصلاة والسلام .
ويجب علينا أن نؤمن بأن هذه الكتب أنزلها الله لهداية عباده المؤمنين ، ويجب أن نؤمن أيضا بأن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لم يحرف وأن بقية الكتب الأخرى قد تم تحريفها . وهذه الكتب الخمسة نؤمن بها على وجه التحديد أما الكتب الأخرى التي لا يعلمها إلا الله فنؤمن بها على وجه الإجمال والله تعالى أعلى وأعلم .
4 ـ الإيمان بالرسل عليهم السلام :
معنى الإيمان بالرسل عليهم السلام هو الإيمان بأن الله بعثهم وأرسلهم لهداية خلقه إلى عبادة الله وتوحيده ، أما عددهم على التفصيل فلا يعلمه إلا الله ، ونحن نؤمن بهم جميعا على وجه الإجمال ، ونؤمن على وجه التفصيل بمن ذكرت أسماؤهم في القرآن أو السنة الصحيحة والله تعالى أعلى وأعلم .
وكذلك يجب أن نؤمن بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين وخاتمهم ، فلا نبي بعهده صلى الله عليه وسلم . كما يجب الإيمان بأن هؤلاء الأنبياء والمرسلين بلغوا عن الله جميع ما أمرهم به ولم يكتموا حرفا واحدا من الرسالة التي كلفهم الله بتبليغها إلى خلقه .
كما يجب أيضا أن نؤمن بأن الأنبياء والرسل معصومين من الخطأ في التبليغ قولا وعملا وتقريرا . ويجب أيضا أن نؤمن بأنه ما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده .
5 ـ الإيمان باليوم الآخر :
والمقصود بالإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بأن هناك يوم للحساب والعقاب وهو يوم القيامة ؛ يوم يبعث الله الناس من القبور للحساب والجزاء فإما إلى جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ، أو إلى جهنم حيث العذاب الأليم والعياذ بالله .
6 ـ الإيمان بالقدر خيره وشره :
ومعنى الإيمان بالقدر خيره وشره هو الإيمان بأن الله تعالى يعلم بجميع الأشياء ما وقع منها في الماضي وما هو واقع في الحاضر ويعلم كذلك الأمور التي ستقع في المستقبل إلى ما لا نهاية ، وأنه سبحانه وتعالى أحصى كل شيء وكتبه في اللوح المحفوظ ، قال سبحانه : " إن كل شيء خلقناه بقدر " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء " رواه مسلم في صحيحه .
رابعا : فوائد وفضائل الإيمان
الإيمان بالأركان الستة التي ذكرناها لكم قبل قليل هو الإيمان الحق وعلى هذا الإيمان تترتب عدة فوائد نذكر بعضا منها في ما يلي :
1 ـ الإيمان ينجيك أولا من عذاب الله غدا يوم لقائه . لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " ، نسأل الله أن يملأ قلوبنا جميعا بالإيمان يا رب .
2 ـ من فوائد الإيمان وفضائله أن يهدي العبد إلى الصراط المستقيم ، قال الله تعالى : " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " .
3 ـ من فوائد الإيمان أنه يورث العبد الطمأنينة والسكينة في حياته حيث يعيش الحياة الطيبة في الدنيا قبل الآخرة لقوله تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
4 ـ المؤمن يتولاه الله بولاية خاصة لقوله تعالى : " أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ " .
5 ـ العبد المؤمن يدافع الله عنه ويبعد عنه كل مكروه ، يقول الحق سبحانه : " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا " .
6 ـ المؤمن له البشارة في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لقوله تعالى : " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ " وكذلك في قوله تعالى : " لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة " .
7 ـ المؤمن يجعل الله له أعوانا صالحين على الحق لقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا " .
وفضائل الإيمان وثمراته كثيرة وأنت إذا تدبرت كتاب الله وتأملت سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وجدت الخير كله في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره . لذلك وجب علينا كمسلمين أن نتوسع في فهم الإيمان ونطلب علم الإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة حتى نزداد فهما لهذا الأمر العظيم في الدين ونزداد حرصا على تطبيقه بيننا نحن كمسلمين .
خاتمة المقال :
في الختام أدعوا الله أن يغفر لي ما كان في هذا المقال من الخطأ والزلل ، وإن أحد منكم رأى خطأ في هذا المقال فليصححه في التعليقات ، وبعد الاطلاع على التعليقات ورؤية الصواب سيتم تصحيح المقال حتى لا ننشر بين الناس الجهل والخطأ والضلال ، و الله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين .
للمزيد من الاطلاع يمكنك قراءة المقالات التالية :
ـ الصلاة : حقيقتها وأهميتها مع ذكر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
ـ صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله
ـ كتاب الداء والدواء كتاب يعلمك كيف تتخلص من المعاصي
تعليقات
إرسال تعليق